لم تكن قافلة الحسين عليه السلام تحاط بعدد مقروء من أبناءه ونسائه وأهل بيته وأصحابه فقط فلقد كانت تحف به أعداد غيبية ملائكية تحوم حول الخيام أين ما نصبت وتلف بالجياد متى ما تحركت وتخيم عليهم متى ما اشتد بهم وهج الشمس وزاد في ضمأهم
ولم تكن الملائكة وحدها ممن تزيد في أعدادهم بل هناك رجال آمنوا بالله وازدادوا حبا لمن أحب الله كانوا يتمنون أن تطير بهم الريح الى محط رحال القافلة لتختلط مصائرهم بمصائر أبناء رسول الله
(قم يا حبيب وخضب شيبتك الكريمة)
قم يا شيخ الأنصار وتلقى رسالة بنت النبي فلقد دعتك للخضاب، أي خضاب بل أي شرف نلته أيها الشيخ الكبير
أعلمني ما الذي كنت تفعله في حياتك حتى نلت هذا الشرف وتلك الرفعة، بل قل لي أي أثير كنت ترفق به حمل اليك برسالة الأطهار
وأي سلام كنت تسلم به حتى يرد عليك بأفضل منه وتستقبلك عاصمة الصبر وجبل الأحزان (زينب عليها السلام) أن يا حبيب أهلا أهلا....
قاتل دون الحسين عليه السلام، وخضب تلك الشيبة بتلك الدماء الزكية، قاتل دون الحق المجلل بين الأرض والسماء، قاتل فقتالك وثيقة ستفتح بها أبواب السبع السماوات.
وسلام لك ليس فقط من زينب،
بل لك منا السلام،
ولك من الدهر يا حبيب السلام.
(الرجل الثاني)
(والله لا أفارقكم حتى يختلط هذا الدم الأسود مع دمائكم)
طويل ونحيل عليه سمات العبيد وأسود اللون.
اسمه (جون) يذكرني بالجنون كلما ذكرت اسمه بين شفتي
ويقال أن للجنون فنون ومن فنونه حب الغير وحين يكون الغير مبشر باسمه في بشارات السماء
وفي الأرض (امام) تسجد له الطير والشجر وذرات الهواء
وأي جنون أصابك يا جون
حين رميت بالدرع والسيف والطاس
وذدت دون الحسين بكلتا يديك وتلقيت من رماح الغادرين
وسهامهم ما يحقق لك بان تختلط دمائك بدماء الأطهار.
هنيئاً لك ريح المسك التي فاحت من بين أضلعك
وهنيئاً لنا أن نكتب في سيرتك.
وللرجال دول وهي مستمرة......
زمن يتلو زمن إنما المواقف تصنعهم ومنهم هو من يصنع الأحداث........
وليت زمانهم يعود فلا تسفك الكثير من الدماء.