في رحاب عاشوراء
الحلقة الخامسة محرم 1438هـ
لماذا لم يشارك العباسيون في نصرة الحسين عليه السلام في كربلاء ؟
وهم نسل العباس بن عبدالمطلب بن هاشم بن عبد مناف عم النبي (ص) ، اسلم يوم فتح خيبر وقيل قبل يوم بدر حتى أن النبي حزن حين اسر يوم بدر ، وهو أسن من النبي بسنتين وتوفي سنة 32هجرية وعمره 88 سنة أي انه لم يكن موجودا وقت معركة كربلاء سنة 61هجرية ، لكنه أنجب عشرة بنين هم (الفضل وعبدالله وعبيدالله وقثم وعبدالرحمن ومعبد وكثير وتمام وعون والحارث ) ، والغريب انه لم يشترك من هؤلاء أو أبنائهم مع الحسين في كربلاء احد ، فهل جاء يا ترى هذا صدفة أم أن هناك أمور وأسباب حالت دون ذلك ؟ ، مع أنهم بالتأكيد قد علموا بخروج الحسين وسمعوا خطبه ومقولته الشهيرة : (من لحق بنا استشهد ومن لم يلحق بنا لم يبلغ الفتح ) .
ومن المحزن حقا أن يقف بنو العباس هذا الموقف الشائن من ابن عمهم الحسين (ع) فيتخلفوا عن نصرته ويخسروا شرف الفتح الذي أراده لهم ، في حين لم يتخلف ولا شخص من أحفاد أبي طالب سواء من أبناء عقيل وأحفاده أو أحفاد جعفر أو أبناء علي وأحفاده حتى الأطفال منهم ، وهنا نحن بعون الله بصدد رصد بعض الأمور التي جعلت بني العباس يتخلفون عن نصرة الحسين يوم كربلاء :-
1 ــ المشيئة الإلهية أرادت ذلك أن لا احد منهم ينصر الحسين كي لا يسجل اسمه ضمن أنصار كربلاء حيث الأحاديث التي وردت في فضلهم .
2 ــ لو استثنيا حبر الأمة عبدالله بن عباس منهم والذي ورد أنه كف بصره إن صحت الرواية فما عذر ما تبقى من إخوته وأولادهم والأحفاد .
3 ــ كان لابن عباس في زمن واقعة كربلاء عدداٌ من الولد على قيد الحياة فالعباس أكبرهم ويكنى به وعلي ومحمد وعبيد الله والفضل وعبدالرحمن فلماذا بخل بهم ابن عباس ؟ كي ينصروا إمام زمانهم الحسين المفترض الطاعة وهو حبر الأمة والملازم والأقرب إليهم وراوي أحاديثهم .؟
4 ــ علي ابن عبدالله بن عباس وكنيته أبو محمد ولد ليلة استشهاد أمير المؤمنين في رمضان سنة 40 هجرية فسمي علياٌ باسمه وكان اصغر أبناء ابن عباس كان عمره 21سنة زمن معركة كربلاء سنة 61هجرية أما إخوته فأكبر منه سناٌ فحري بهم أن يشاركوا الحسين في كربلاء فما عذر ابن عباس بنصحهم وحثهم الرحيل مع ابن عمه الحسين كما فعل عبدالله بن جعفر مع أولاده (عون ومحمد ) .
5 ــ الغريب في الأمر أن عبدالله بن عباس هو من نقل أكثر أحاديث كربلاء ومقتل الحسين كحديث التربة التي تصبح دماٌ عبيطاٌ يوم عاشوراء حين يقتل الحسين وحديث أرض كربلاء مع أمير المؤمنين الذي بكى وبلل ترابها لكنه لم ينصره هو ولا أولاده .
6 ــ لو أن عدداٌ من أولاد أو أحفاد العباس نصر الحسين واستشهدوا يوم عاشوراء لأحتج العباسيون على العلويين أنهم شركاء في الدم الذي أراقه بنو أميه وشركاء في حفظ الدين الذي دنسه يزيد وأنهم أحق بالخلافة من أولاد أبي طالب .
7 ــ رفع العباسيون شعار الرضا من آل البيت حين مقاتلهم بنو أمية كما رفع بعضهم يا لثارات الحسين لأخذ الخلافة من الأمويين فكيف لو أن عددا منهم استشهدوا يوم كربلاء فماذا هم فاعلون ؟ ! إذن لرفعوا شعار يا لثارات بني العباس .
8 ــ كانت فرصة سانحة للعباسيين أن يمسحوا العار الذي لحق بهم ويبيضوا وجه التاريخ كما سودوه في خيانة قائد الجيش عبيدالله بن العباس الإمام الحسن وفراره إلى معاوية لو أنهم عزموا على نصرة الحسين وجاهدوا معه وذبوا عنه وابلوا بلاءً حسناٌ حتى قتلوا دونه لكنهم أبوا إلا أن يسودوه بخذلانهم الحسين مرة ثانية .
9 ــ أخطأ العباسيون التقدير عندما لم يتخذوا قراراٌ بالخروج مع ابن عمهم الحسين وتركوه وحيداٌ أمام الأعداء وهذه وصمة عار في جبين كل عباسي ومنقصة يعيرون بها إلى يوم الدين .
10 ــ كانت الحاضرة الوحيدة من نسل بني العباس في كربلاء هي لبابة بنت عبيدالله بن العباس زوجة العباس بن أمير المؤمنين وتكنى أم الفضل أما من الرجال فلم يسجل لنا التاريخ أحداٌ مع أن أخوة لبابة : (عبدالمطلب ومحمد والعباس وعبد الرحمن وعبدالله ) كانوا وقتها يعيشون بالمدينة إلى جانب آل أبي طالب إضافة إلى العشرات من أبناء بني العباس وأحفادهم .
11 ــ من بؤس هذا البيت المشؤم أنه لو سلمنا جدلاٌ أنهم أخطأوا التقدير ولم ينصروا الحسين (ع) فحري بهم عندما سمعوا بمقتل الحسين وأسر نسائه وأطفاله أن يتحركوا ويذهبوا لفك أسر أختهم لبابة زوجة العباس (ع) والرجوع بها كما فعلت الأسر والقبائل في فك النساء الأسارى عند ابن زياد قبل الذهاب بهن إلى الشام .
12 ــ لا يستبعد أن شارك العباسيون في نصرة الحسين وانضموا إلى جيشه أن يخونوه وينسحبوا من الجيش أو يسلموا الحسين إلى ابن زياد كما فعل عبيد الله بن عباس مع الإمام الحسن في وقت سابق حينما سحب معه ( 4000 آلاف ) من جيش الحسن ( ع ) .
13 ــ ومن الأسباب التي جعلت بعض بني العباس لا ينصرون الحسين أنهم فرحوا أو على الأقل لزموا الصمت بخروجه للعراق لعله يقتل ويخلوا لهم الجو كما فعل عبدالله بن الزبير عندما قدم الحسين مكة وهو فيها تضايق منه ونصحه بالخروج إلى العراق لعله يقتل هناك فيصبح هو الوحيد الذي يطلب الخلافة .
14 ــ تنسب الدولة العباسية إلى مؤسسها أبي العباس عبدالله السفاح بن محمد بن علي بن عبدالله بن عباس وعلي هذا هو من كان حياٌ زمن معركة كربلاء فلو انه شارك وإخوته وقتلوا لما كان للدولة العباسية ذكرا في الوجود وهي التي قامت سنة ( 132هـ -656 هـ ) ودامت ( 524 سنة ) وتعاقب عليها ( 37 حاكما ) وهي التي قتلت وعذبت وأسرفت في دماء العلويين وقتل حكامها ستة من الأئمة الأطهار.( الإمام الصادق ــ الإمام العسكري ) ، وهذا مصداقاٌ لقول الإمام الحسين : ( إذا لم أذهب إلى العراق فمن يقتلني ) كذلك قول الإمام علي لما قيل له : اقتل ابن ملجم فقال : من يقتلني ) .
إبراهيم حسين البراهيم
الأحساء ــ المنيزلة