في رحاب عاشوراء - الحلقة الرابعة - محرم 1438هـ
ما هي الأسباب التي جعلت الإمام الحسين لا يعسكر إلى جانب النهر مع أن وصوله كربلاء كان قبل وصول جيش ابن سعد ؟؟؟!
في اليوم الثاني من محرم وصل الإمام الحسين عليه السلام إلى أرض كربلاء وحط رحاله فيها وأمر أصحابه أن يشدوا خيامهم ويعسكروا فيها وذلك بعيداً عن النهر الذي يفيض بالماء ولم يكون همه ذلك بل عسكر بعيداً عنه ، مع أن المعروف في سياسة الحروب أن من يستولي على الماء يمسك بزمام الأمور .
فيا ترى ما الأسباب والعلل التي كان يراها الإمام الحسين اتجاه ذلك ، مع أن الحسين كان لا يخطوا خطوة أو يفعل فعلاً منذ خروجه إلى استشهاده إلا بتخطيط سماوي ولحكمة أرادها الله في ذلك ، أما نحن فيمكن لنا أن نجتهد ونذكر بعض الأسباب التي يمليها علينا العقل فلعلنا نصيب في بعضها منها :ـ
1 ــ المشيئة الإلهية أن يموت الحسين وأهل بيته وأنصاره عطشاٌ .
2 ــ كانت الأهمية الأولى للحسين أن يعسكر في مكان يحفظ ويستر فيه نسائه وبناته وأهل بيته بجانب تلال الرمال الموجودة خلف المعسكر ولم يكن همه الأول الاستيلاء على الماء ومنع الجيش المقابل من الشراب منه .
3 ــ لو أن نية الحسين الاستيلاء على الماء لم يسقي جيش الحر الماء عندما تقابل معه في ( شراف ) وهم ألف فارس مع دوابهم ولكفى الحسين الماء ولم ينفذ منه إلى يوم عاشوراء فيكون بذلك لا فائدة من منع ابن سعد الماء عن الحسين وأصحابه .
4 ــ فضح وكشف قبح وجه بني أمية القبيح أصلاً عندما يمنعون ذرية رسول الله (ص) الحسين وأهل بيته وأصحابه من شرب الماء ويتركونهم يموتون عطشاً .
5 ــ الحسين يعلم أنه سوف يموت عطشاناً ولكنه يعمل بالتكليف الظاهري فقد تتغير نية القوم ولا يمنعونه الماء بل يسقونه ولا يتركونه يموت عطشاً وذلك لإلغاء الحجة عليهم .
6 ــ المشيئة الإلهية أن يطلب العباس الماء للعيال فيستشهد على ضفاف نهر العلقمي كي يبقى ويتركه الحسين هناك ويدفن مكانه ويشيد له هذا الضريح المبارك فلو أن الحسين عسكر إلى جانب النهر لما حدث ذلك وقتل العباس بعيداٌ .
7 ــ توقف فرس الحسين في هذه الأرض فركب الحسين عدة أفراس فلم تنجح محاولته فقال الحسين : ها هنا محط ركابنا هنا..... لدليل على أن المكان الذي اختاره الحسين معسكرا له أجدى وانفع من أن يعسكر إلى جانب النهر .
8 ــ لو أن الحسين عسكر إلى جانب النهر وقتل عطشاناً لروج بني أميه غير ذلك وقالوا لم يقض الحسين وأهل بيته وأنصاره عطاشى بدليل أن معسكرهم كان إلى جانب النهر.
9 ــ إبراز شجاعة العباس والأكبر وأهل البيت عندما يقومون بالإتيان بالماء من النهر عدة مرات على ما عليه من جيوش تقدر بأربعة آلاف مقاتل .
10 ــ عندما يعسكر الحسين وأصحابه إلى جانب النهر فالقوم لا يدعونهم فلا بد من أن يقاتلونهم على الماء فعندما يستشهد الحسين وأهل بيته وأصحابه يكون استشهادهم ليس خالصا لله بل دفاعاً عن الماء وهذا ما لا يريده الإمام الحسين حتى تكون شهادته خالصة لله لا يشوبها شائب .
11 ــ حنكة الإمام الحسين العسكرية أنه لا جدوى وليس باستطاعته السيطرة على المشرعة ( نهر العلقمي ) لطوله ولقلة أصحابه ( 72 أو يزيدون قليلاٌ ) ولكثرة الجيش المقابل ( 30 ألف وأكثره 100 ألف ) ، وما يؤيد رؤيتنا هذه أن ابن سعد وضع ( 4000 آلاف مقاتل ) على المشرعة واستطاع العباس مع عدد قليل من الأصحاب الإتيان بالماء عدة مرات .
12 ــ بيان معاجز وكرامات الإمام الحسين للقوم كي تكون حجة عليهم حينما يمنعونه من الماء منها : القيام بالخط بأصبعه على الأرض خلف الخيام وضربها بالفأس فنبعت له عين ماء عذب فشرب الحسين وأصحابه ودليل ذلك ما كتبه ابن زياد في رسالته إلى بن سعد : ( قد بلغني أن الحسين يحفر الآبار ويصيب الماء فيشرب هو وأصحابه فحل بينه وبين ذلك ما استطعت وضيق عليه غاية التضييق ) ، تماماٌ كما فعل أمير المؤمنين وهو متجه إلى صفين عندما أشتد بهم العطش فكشف التراب واستخرج صخرة كانت هناك ونبع الماء وشرب هو وأصحابه حتى ارتووا .
هذا والله أعلم بكل شيء
إبراهيم حسين البراهيم
الأحساء ــ المنيزلة