في رحاب عاشوراء
الحلقة الثانية 1438 هـ
ما هي الكيفية التي خرج عـليها الإمام الحسين من المدينة إلى مكة ثم إلى العراق ؟
لما عزم الحسين (ع) على الخروج من المدينة ودع قبر جده وأمه وأخيه ، وجمع أهل بيته وأصحابه فأعطى كل واحد منهم عشرة دنانير وجملا يحمل عليه رحله وزاده ، ثم توجه بهم إلى مكة ومكث فيها أربعة أشهر وخمسة أيام إلى يوم الثامن من ذي الحجة يوم التروية فعزم على الذهاب إلى العراق .
فلما عزم الحسين على الخروج من المدينة أمر بإحضار ( 250 ناقة ) فلما أحضرت عنده أمر بسبعين ناقة لحمل الخيم وأربعين ناقة لحمل القدور والأواني وأدوات الأرزاق وثلاثين ناقة لحمل الراوية والقرب لأجل الماء واثنتا عشر ناقة لحمل الدراهم والدنانير والحلي والمجوهرات والزعفران والعطريات و الأثواب والبرود اليمانية وأمر بإحضار خمسين شقة من الهوادج ووضعها على ظهور المطايا لحمل الأثقال والأدوات اللازمة أثناء الطريق فلما تم تجهيز ذلك .
أمر بإحضار فرس رسول الله (ص) ويدعى ( المرتجز ) فركبه ثم أمر بإحضار سيف رسول الله (ص) و كان اسمه ( البتار ) وتقلده ثم درع رسول الله (ص ) فلبسه ثم عمامة رسول الله (ص) و تسمى ( السحاب ) فلبسها .
أما عن الكيفية التي خرج بها إلى العراق روى عبدالله بن سنان الكوفي عن أبيه عن جده انه قال : خرجت بكتاب من أهل الكوفة إلى الحسين (ع) واتيته وهو في المدينة فتبعت الحسين من المدينة إلى أن عزم على الخروج إلى العراق فقلت في نفسي امضي وانظر إلى ملك الحجاز ( يقصد الحسين ) كيف يركب وكيف جلالته وشأنه فأتيت إلى باب داره فرأيت الخيل مسرجة والرجال واقفين والحسين جالس على كرسي وبنو هاشم حافون به وهو بينهم كأنه البدر ليلة تمامه وكماله ورأيت نحو من أربعين محملا وقد زينت المحامل بملابس الحرير والديباج .
عند ذلك أمر الحسين (ع) بني هاشم أن يركبوا محارمهن على المحامل فأركب العباس أخته زينب ومن ثم أم كلثوم وأردف مع كل واحدة منهن سكينة وفاطمة بنتا الحسين , ثم اركب علي الأكبر أمه ليلى على المحمل وتقدم القاسم واركب أمه رمله وتنحى وتقدم الإمام زين العابدين واركب أمه ( شاه زنان ) وقيل أمه الذي ربته صغيرا ثم اركبوا بقية الحرم والأطفال على المحامل فنادى الحسين أين أخي أين كبش كتيبتي أين قمر بني هاشم ليقدم لي جوادي فأجابه العباس لبيك يا سيدي فأتى العباس بالجواد وقد حفت به بنو هاشم فأخذ العباس بركاب الفرس حتى ركب الإمام ثم ركب بنو هاشم فصاح الناس صيحة واحدة وعلى البكاء والنحيب وقالوا : الوداع الوداع الفراق الفراق ثم ساروا قاصدين كربلاء مع عياله وجميع أولاده إلا ابنته فاطمة الصغرى فأنها كانت مريضة فجعلها عند أم سلمه وزوجاته و أخوانه وأخواته وبنو عمومته وأولاد وزوجات أخيه الحسن والكثير من بني هاشم والموالي والجواري والخدم وهم من حيث المجموع 123 نفراً الذين خرجوا معه من المدينة إلى مكة ثم إلى العراق .
فهنا تتضح لنا مقولة العالم الفقيه حبيب بن مظاهر الأسدي عندما قال لزوجته يختبرها مالي والسلاطين الحسين سلطان ويزيد سلطان وتتجلى عظمة الإمام الحسين عند خروجه والعظمة والأبهة التي كان عليها أثناء خروجه ، وقد حان الوقت لتصحيح ما دأب عليه أكثر الخطباء عن أن الحسين خرج ليلاٌ وكان عند خروجه خائفا ذليلا يتخفى الطريق لم يحمل معه إلا القليل من الأمتعة لشدة خوفه ، لكنه على العكس تمام كان خروجه خروج السلطان يخرج أمام أعين الناس وأزلام وعتاة بني أمية ولم يستطع أحد منعه من ذلك .
إبراهيــم حسين البـراهيم
الأحساء ــ المنيزلة