ارتفعت أصوات اجتماعية تطالب بتحويل اللجان المشرفة على المساجد والحسينيات إلى لجان إدارية دورية منتخبة، بسبب كثرة الخِلافات والنزاعات الشخصية، وحالات التسلط والجمود، وأطر التوارث العائلي التي تعاني منها كثير من الأماكن العبادية في الوقت الحالي.
لكنها دعوة تصطدم في الواقع بأطر عائلية وأعراف اجتماعية كرست الحالة التقليدية التي اصطبغت بها معظم الأماكن العبادية منذ عشرات السنين، وهي مجموعة من المعوقات تحول دون تطبيق هذه الرؤية الحضارية في المستقبل القريب.
لذلك فنحن بحاجة إلى خطوات تمهيدية لجعل هذه الرؤية واقعاً ملموساً في المجتمع، وأول هذه الخطوات: ضرورة وجود قناعات من علماء الدين و المشرفين على هذه الأماكن بضرورة هذه الخطوة، ومكتسباتها الإيجابية.
ثانياً: وجود كفاءات اجتماعية تتبنى هذه الرؤية الإدارية، وتشجع شرائح المجتمع عليها عبر أعواد المنبر ووسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي.
ثالثاً: تكوين لجان من الكفاءات العلمائية والإدارية لوضع تصور للمهام الإدارية والإشرافية، وتحديد ضوابط الترشح لعضوية اللجان، وفق الضوابط الدينية، والأطر الرسمية، والأعراف الاجتماعية.
رابعاً: اختيار عينات معينة من المساجد والحسينيات من كل منطقة لتطبيق الرؤية الإدارية عليها، وهي مرحلة تمهيدية لمعرفة الجوانب الإيجابية والسلبية للتطبيق، وتحديد الثغرات والمعوقات التي تصطدم بها.
خامساً: تطبيق الرؤية الإدارية ضمن مراحل تدريجية، تبدأ من دائرة مصغرة تتمثل في إعادة تدوير اللجان الإشرافية الحالية، أو على مستوى العائلات ذاتها لدورة زمنية محددة، ثم توسع دائرة الإشراف والترشح الإداري على مستوى سكان الحي، ثم على مستوى المجتمع من أجل شغل عضوية اللجان المشرفة على هذه الأماكن.
ولعل من أهم المكتسبات الاجتماعية التي سيجنيها المجتمع من تطبيق هذه الخطوة الرائدة: خلق جو مؤسساتي جديد على المساجد والحسينيات، والتقليل من المشاكل والنزاعات الشخصية التي تحدث في أروقتها، وإمكانية استبعاد الكوادر المتسلطة والمقصرة عن إداء مهامها دون أي حرج، وكسر حالة الجمود والتقليد التي تعاني منها، وتفعيل دورها وزيادة نشاطها الاجتماعي والديني، ورفع من مستوى حوافز العمل الاجتماعي، وتجديد دماء المنخرطين في العمل التطوعي، واستقطاب الكفاءات الشبابية، وتهيئهم على تحمل مسؤولياتهم التطوعية والاجتماعية.
وهنا نشير إلى ملاحظتين مهمتين الأولى: أن هذه الرؤية الإدارية لا تدعو إلى استبعاد الكفاءات المتمكنة أو المخضرمة وتهميشها، بقدر الاستفادة منها في مواقع الإشراف والاستشارة العامة.
والملاحظة الثانية: أن عزوف كثير من الكفاءات خصوصاً الشبابية منها عن الانخراط في لجان المساجد والحسينيات يعود لسببين رئيسيين الأول: الهالة السلبية التي تتركها المشاكل والنزاعات الشخصية التي تحدث في أروقة بعض المساجد والحسينيات أدت إلى نفور المرتادين والشباب عنها ، فضلاً عن الانخراط في كوادرها .
أما السبب الثاني: لكون أعضاء اللجان الإشرافية في تلك الأماكن العبادية هم في الحقيقة أعضاء معينين وثابتين، بدليل عدم السماح بإضافة كوادر جديدة إلى لجانها بحجة الاكتفاء أو المحدودية، أو بسبب الأطر العائلية التي لا تسمح مطلقاً بإضافة أي كفاءة من خارج دائرتها، أو شرط الموافقة عليها.
فحتماً ستلقى هذه الرؤية الإدارية اعتراضات من هنا وهناك، وتوضع عليها ملاحظات، وتمر بمراحل، وستواجه معوقات، لكنها رؤية إيجابية ممكنة التطبيق وليست من المستحيل، لأنها رؤية حضارية قابلة للنضج والتطوير، خاصة بوجود همة الإصرار وعنصر التشجيع .
لذا ندعو علماء الدين والوجهاء والناشطين الاجتماعيين إلى تلقف هذه الرؤية والدعوة إليها، وإلا ستظل رؤية تنظيرية لا تغير الواقع، كما الحالة المؤسفة التي آلت إليها الأوقاف في الوقت الراهن .
_______
وجدي المبارك
القطيف – الأوجام
1437-11-25
التعليقات 4
4 pings
إنتقل إلى نموذج التعليقات ↓
عبدالمحسن الأحمد
2016-08-30 في 11:06 م[3] رابط التعليق
احسنتم شيخنا موضوع غاية في الأهمية وتوقيت جدأ مهم التسلط واقع مؤلم تعيشه هذه البقع المقدسة من البعض الوكلاء على بعض دور العبادة فعلأ مما جعلها تنتقل بالوراثة .. ومن المفترض طلبة العلوم الدينية هم الأجدر بإدارة هذه البقع حتى لا نصطدم بواقع الفمر القديم من بعض الوكلاء المتعنتين .. الموضوع كبير جدأ والحل صعب جدأ إلا أنه يوجد حل وهذا الحل لا نحبذه وهو مقاطعة تلك البقعة لإسقاط ذك الوكيل او الإبقاء على ذك الوكيل .. الموضوع صعب جدأ جدأ
غير معروف
2016-09-01 في 2:48 ص[3] رابط التعليق
الله يكون بعونا .. لن يتغيير شي ابدا
عبدالله حسين البراهيم
2016-09-02 في 9:42 ص[3] رابط التعليق
كلام في الصميم وجميل ..
انما يدل على الفكر التنويري للشيخ في امور المجتمع وتحديث افكاره بما فيه الخير والصلاح ..
بو محمد
2016-09-02 في 10:48 م[3] رابط التعليق
كلام جميل
الله يعطيكم العافية
اتمنى يصل هذا الكلام الى جميع اطياف المجتمع