تمر على الإنسان الساعات الكثيرة دون أن يحرك فيها ساكن بل هو يضع نفسه مع كل السواكن في هذه الحياة حيث تجده بعد انتفاضة انتباه من تلك الغفوة والسكون يسأل نفسه أنا ماذا فعلت اليوم وقد مرت عليَ ساعات طويلة لم أعرها أي اهتمام.

يقول الإمام علي عليه السلام (الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك) لا سيما بأن في مثل الحالة التي تحدثنا عنها يكون السيف قد قطع صاحبه إربا إربا وجعل من تلك الساعات قصاصات روح متناثرة بين ذرات الفراغ المميت.

كل دقيقة تمر على الإنسان هي محسوبة من عمره بل مسؤول عنها فيما مضت وكيف مضت فأن لم يستثمرها في عمل يستطيع أن يحكي عنه إن سُئِل عنها وإلا ليدفن نفسه في دفاتر النسيان وينسى نصيبه من إرث أجر أو علم أو مكانة سيتقاسمها أصحاب الألباب.

ولذا يجب أن تلك اللحظات والدقائق والساعات شاهدها العقل ولسانها الناطق الأفكار التي ستنطق بكل حرفية لما ما نالها من شرف الاستيراد من أمهات الكتب أو دوريات الحياة وتصديرها للعقل البشري حيث تزيد من قواه ومنطقه وحكمته فتنفلت بعد الغليان بمعجم جميل يزين صاحبها ويزيده ألق وثقافة وإدراك ومعرفة.

فها هو أبو النظرية النسبية الخاصة والعامة وعلم الطاقة (ألبرت اينشتاين) يسطر أروع أمثلة استغلال الوقت في علم نفع به العالم بأجمعه فقد أهداه والده بوصلة وهو في عمر الخامسة أدرك بواسطتها أن ثمة قوة في الفضاء تؤثر على إبرة البوصلة وتحركها ومن هنا كانت انطلاقته في استثمار الوقت للعلم حتى وصل الى ما وصل اليه.

ونذكر العالم الجليل العربي المسلم (ابن سينا) وهو الفيلسوف والشاعر وعالم الفلك والفيزيائي قبل أن يشتهر بالطب ليقال عنه الطبيب الرائع الشهير ابن سينا، فمن أين أتى بكل هذه العلوم على اختلاف مذاقاتها إلا من خلال الاطلاع والابحار في أغوارها وهذا بالإضافة الى ما يتطلبه من عزيمة وطموح بلا شك يتطلب مزيدا من الوقت للاعتكاف عليها ومن ثم النجاح في مجالاتها.

إن استثمار الوقت فيما ينفع من أفضل أنواع الاستثمارات الناجحة والمشمولة بنتائج ملموسة فكريا وماديا ومعنويا.