حينما يتحقق العدل والسلام والمحبة والأمان للجميع دون تمييز، أو إقصاء تتحقق في داخلنا ثقافة السلم الأهلي، ويتعمق إحساسنا بالعدل وعدم الغبن، وتنتهي بالتالي مشاعر الاضطهاد والخوف والصراع.
عندما تتوفر هذه المعطيات فبطبيعة الحال يبدأ الإنسان حينها ببناء ذاته ومجتمعه، ويسخر طاقاته وفكره وثقافته لبناء مجتمع قوي لا يعرف الانقسام والتضعضع.
عندما نزرع ثقافة السلام والحب مقابل ثقافة الاعتداء والتعدي على الغير حينها يعم الهدوء في جميع المجتمعات بمختلف توجهاتها الدينية والمذهبية، ويصبح السلام المناخ العام الذي يهيئ النفوس، ويزرع ثقافة الإعمار والبناء، وهذا لا يأتي إلا من خلال فهم ووعي قيم الإسلام السمحة متجسدة في السلوك المتكامل في البناء لا الهدم.
ولا يمكن أن يتحقق ذلك إلا من خلال الانفتاح على الآخر، والاعتراف به، وهذا يأتي من حرمة دمه وماله وعرضه وثقافته، يقول الله تعالى في كتابه الكريم «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ كَآفَّةً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ». ويقول «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ». ويفهم من الآيتين مطلق التعارف الذي به يزال الاحتقان والتوتر، ويكون سبباً للتواصل والحوار والتفافهم والتلاقي، وهو ما يعرف في علم الاجتماع بالسلام الاجتماعي.
بالنتيجة الإنسان لا تتكامل إنسانيته إلا من خلال إيمانه الخالص بالمثل العليا التي قررها الله وسنَّها نبيه الكريم محمد، ﷺ.