يحتفل العالم في الواحد والعشرين من مارس كل عام بعيد الأم فتجد كل محلات البيع تستعد لهذه المناسبة إما بالإعلانات عن بضائعها أو بعمل التخفيضات احتفالا بهذه المناسبة وتتجدد محلات الحلويات والهديا والأزهار حتى تبدو عروس في ليلة دخلتها الكل يبحث عن هدية يفرح بها قلب أمه ويبرهن بها مدى ولائه لها وطاعته وينتظر أن تنطق بكلمة تهدئ من روعه وتخبره بكمية رضاها عنه حتى تستقر روحه وجنته القلقة.
الكل يحتفل بطريقته الخاصة وبأمه سواء أكانت حية أم ميتة فمن أفخم الهدايا كالذهب والألماس الى أقلها في عيني الناس قراءة سورة الفاتحة على قبرها أو الدعاء لها بالرحمة والسكينة، ذلك الاحتفال الذي لم نكن نعرفه ونحن صغارا ولم يكن من ضمن مشاريعنا المجتمعية قبل سنوات مضت إلا أن الانفتاح على العالم أورثنا إياه ليكون منهج من مناهجنا السنوية والمنتظرة على أحر من الجمر وكغيرها من الاحتفالات وتزامنا مع القفزة الاعلامية والشبكات العنكبوتية والتواصلية الكل يحترف التصوير ويرتدي قبعة الابداع ويصور تلك الهدية التي يهديها لأمه ويري من حوله هديته لها وبات الناس يعرفون من احتفل بعيد أمه وجلب لها الهديا بل وحتى نوعها وكذلك بات يعرف من لم يحتفل بها وربما يعتب عليه، لذا تجد الناس في مثل هذه الأيام تحرص على أن تحتفل بأي وسيلة وبأي طريقة حتى لو سألت بماذا وكيف احتفلتم بعيد الأم يكون الجواب حاضراً، للأسف شغلتنا الحياة العصرية كثيرا وألهت ألبابنا وقلوبنا وأبهتت فرحتنا الحقيقية وأصبحنا فقط نتباهى ثم نتباهى بقصد أو بدون قصد فنحن بالفعل نتباهى.
متناسين الفقير الذي لا يمتلك ثمن الهدايا ليقدمها لأمه في مثل هذه المناسبة وضاربين عرض الحائط بكل من فقد أمه بالأمس أو للتو تحت التراب دفنها غافلين عن نساء باتت حسرة على أن يناديها طفل بلقب الأمومة!
المجتمع يضج بالأفكار الا أن أفكاره وقيمه غير مقننة وإن قُننت شعر بالضيق والاختناق ولا أخبركم عن مجتمع يعرف كيف يفك اختناقه بسهولة فما أسهل التقليد دون حصر الآثار وما أهون أن يرقص على الكثير من الجراحات وما أسهل أن يمسح دمعته الحزينة ويستبدلها بكم من الأفراح، يؤسفني قول ذلك عن مجتمعي إلا أن ذاك هو الواقع الذي نعيشه.
قبل أيام من تاريخ عيد الأم تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي برودكاست لطيف بعنوان (احتفلوا بهدوء) أعجبني كاتب المقال فهو من قليل من عقلاء المجتمع الذين يحصون الآثار ويرجحون كمية السلبيات والايجابيات فيفوقون أحدها على الآخر ويكتبون للناس ثمرة تلك الاحصاءات، تحية خاصة لكاتب ذلك المقال.
نعم احتفلوا بأمهاتكم قدموا لهن أجمل الهديا أفرحوهن أسعدوهن ليس فقط في تاريخ واحد وعشرين من شهر مارس في كل عام بل في كل الأيام التمسوا رضاهن فهن جنتكم التي تحت أقدامهن وقبلوها فهي الطهر الذي يحيط بكم أين ما كنتم ولكن نعم (بهدوء) لا تسيلوا دمعة يتيم ولا تغضبوا اللقطاء ولا تكسروا قلب المحرومين فقط أنتم وهن وسترون كيف أن الأزهار ستتفتح في كل دروبكم والخير سيعم أرجاءكم فلا عجب إنها دعوة الأمهات المستجابة التي ليس بينها وبين السماء حجاب.
أبقى الله كل أمهات العالم في يسر وصحة وعافية ورحم الله كل من مات من أمهات العالم وأسكن الله قبورهم رحمة وسكينة وأبقاك الله لي يا أمي تاج أتتوجه في كل يوم صباحاً ومساء.
التعليقات 8
8 pings
إنتقل إلى نموذج التعليقات ↓
جاسم الاحمد
2016-03-21 في 8:31 م[3] رابط التعليق
مقال جدا رائع و ربي يطيل في اعمار امهاتنا و يرحم من هم تحت التراب
2016-03-22 في 5:29 ص[3] رابط التعليق
أشكر حضورك أخي ويحفظ الله أمهات الجميع ويرحم برحمته من هم غادرونا الى جنات النعيم
فاضل علي
2016-03-21 في 8:50 م[3] رابط التعليق
مقال جميل،
للاسف انعدمت الخصوصيه لدى البعض واصبح شغله الشاغل كيف يتباهى بما يقدمه امام الجميع.
2016-03-22 في 5:28 ص[3] رابط التعليق
أشكر متابعتك أخي وبالفعل هو واقع للأسف نعيشه
ام مرتضى
2016-03-21 في 10:11 م[3] رابط التعليق
مقال رائع كروعتك غااليتي سهام
2016-03-23 في 6:07 ص[3] رابط التعليق
الروعة هو تواجدك بين أسطر مقالتي حبيبتي
ام سجاد
2016-03-22 في 12:40 ص[3] رابط التعليق
احسنت على الطرح الرائع
2016-03-23 في 6:06 ص[3] رابط التعليق
أشكر متابعتك الجميلة أم سجاد