لا يكاد يمر يوم إلا وتطالعنا صحفنا اليومية بقضية جديدة من التحرش هنا وهناك والأسباب هي الأسباب والتحرش قائم إلى أن تقوم الساعة ولكن بإمكاننا الحد منها كوننا مجتمع محافظ، وذلك من باب أولى وأن كان المفكر الاجتماعي على الوردي يعزو ذلك إلى النظرة السلبية التي أفرزتها العادات والتقاليد نحو المرأة كونها عار وعورة يجب أن تغطى بقماش أسود من رأسها حتى أخمص قدميها، وأن هنا لا أدعوا إلى التحرر بقدر إزالة الصورة الضبابية لا أكثر.
من القصص المؤلمة والتي دعتني إلى أن أكتب هذا المقال هذه القصة التي وقعت تحت ستار الليل وبين نجمات الدموع، لفتاة تعرضت للتحرش من أبن عمها وهي في عمر 10 سنوات، بالرغم من تواجدها في بيئة محافظة لكن وقع ما وقع.
مؤلم جداً عندما يحدث التحرش من الداخل، وتزرع ثقتك العمياء في جميع أفراد الأسرة وأقاربهم، كونك ترى في نظرك أن ذلك مخالف للفطرة وهو كذلك ولكن عندما يسطر الشيطان فالأمر سهل جداً.
التحرش الجنسي عنوان يحمل في طياته عدة تعريفات، منها الاعتداء اللفظي والجسدي وهي تتخذ أشكال والوانا مختلفة من الاشارات والعبارات الغرض منها الايذاء الجسدي والنفسي.
عندما تغيب القيم الإنسانية ولا يصبح للدين مكاناً في نفوس البعض تتهيأ الأسباب للولوج مباشرة في ثقافة التحرش، نتيجة عدة أسباب منها تأخر سن الزواج والانفتاح على مواقع التواصل الاجتماعي والاعلام المفتوح الذي يساهم بدوره في خلق بؤر للانحرافات الأخلاقية.
وفي ظل غياب قانون الذي يجرم التحرش يبقى الباب مفتوحاً للنفوس المريضة لتنهش في اجساد من لا يملكون حول ولا قوة، ففي دراسة سابقة نشرت في الصحف المحلية كشفت وزارة العدل خلال العام الماضي 1435 هـ أن عدد قضايا التحرش بلغ 2797 قضية في محاكم المملكة خلال العام الماضي، وتصدرت محاكم منطقة الرياض بواقع 650 قضية، ثم محاكم منطقة مكة المكرمة بواقع 430 قضية، وبعدها محاكم المنطقة الشرقية ب210 قضايا، ومحاكم منطقة المدينة ب170 قضية، بينما نظرت المحاكم الأخرى قضايا التحرش بالنساء والحدث بأعداد متقاربة. أما على صعيد العمل فهناك 16% من النساء العاملات تعرضن للتحرش الجنسي من قِبل المسؤولين في العمل.
من المهم معرفة مصدر التحرش من أين يبدأ وإلى أين ينتهي والسعي لإيجاد ثقافة تهتم برفع حالة الوعي ووضع خطوط واضحة للتعامل مع الاخرين فذلك يعتبر من ثقافة التنمية البشرية المجتمعية. وسد منيع للحافظ من الانحرافات السلوكية.
فالتحرش لا يحدد بوقت معين ولكن توجد علامات من شأنها المساهمة في تهيئة الاجواء، من جهة أخرى يرى البعض التحرش الجنسي من داخل الاسرة أكثر من خارجها والسبب لان الطفل او المراهق او حتى الكبير لن يقدم بخطوة التحرش إلا وعنده علم بان هذا الشخص من اقاربه ولا يعتقد بفضحه ولاسيما لا يوجد عقاب بحكم القرابة والمناخ المنغلق على هذا الاساس يبادر على الاقدام على هده الجريمة. «فالأجواء تكون لديه اكثر أمان».
التحرش ظاهرة تقع على عاتق الأسرة في المقام الأول ويتحمل تبعاته كافة أفراد المجتمع، أننا بحاجة إلى معرفة الأسباب وإيجاد حلول على الأقل تحد من تمددها، وفي ظل مواقع التواصل الاجتماعي أصبح كل شيء متاح وهذا يعني الالتفاف حول الأسرة أكثر.