مقتطفات من كلمات طالبة العلم الاستاذة الفاضلة ام منتظر الاحمد من محاضرتها التي قدمتها مساء ليلة الجمعة 6 ربيع الاول في مدينة العمران ضمن اللقاء السنوي للملتقى المهدوي والذي يضم العديد من طالبات الحوزات العلمية النسائية والاكاديميات والعديد من مسؤولي الانشطة والبرامج الدينية والثقافية للعديد من القرى الاحسائية .
هل أنا في ركب المنتظرين ؟
قال تعالى ( ويقولون لولا أنزلت عليه آية من ربه قل إنما الغيب لله فانتظروا إني معكم من المنتظرين ).
مفهوم الانتظار احد المفاهيم القرآنية القيمة
التي تحمل في طياتها روح الامل وحقيقة الاستعداد والتهيؤ لتحقق الفرج .
والاية المذكورة تبين موقف النبي إزاء الكفار الذين طالبوه بآية اخرى ( معجزة ) غير القرآن فآخبرهم بلسان الوحي أن هناك آية غيبية تتطلب من الجميع الانتظار ( انتظروا اني معكم من المنتظرين )
فما هو الدليل ان هذه الاية هي انتظار الفرج المهدوي لا الظهور ؟
قوله تعالى : ( هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة ...أو يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا ايمانها لم تكن امنت من قبل ...فانتظروا إنا منتظرون ) .
وقد ورد عن الامام الصادق ع قال : 《الآية التي ينتظرها النبي وينتظرها الخلق ظهور قائم آل محمد 》 .
◀ ما هي حقيقة الانتظار ؟
المنتظر الحقيقي من يكون على أهبة الاستعداد لإمتثال أوامره حال غيبته وحضوره وهذا يستوجب حركة إصلاحية ذاتية على مستوى النفس والفكر والتعاطي الاجتماعي من خلال مشاركة المجتمع في همومه وقضاياه والعمل الاجتماعي والثقافي والديني متسلحا بالبصيرة والعلم بحيث يكون المنتظر في المكان والزمان الذي يريد امام الزمان عج لا وفق ما نريده نحن .
قال ص : ( افضل أعمال امتي انتظار الفرج ) .
وهذا يكشف عن أن الانتظار عمل وحركة دؤوبة بحيث يكون المنتظر ذو لياقة فكريه واستعدادية ذو بأس شديد ليكون جنديا مهدويا .
و ان الانتظار عمل منوط برضا مولاه - أرواحنا لتراب مقدمه الفداء -
وهذا ما ورد في احد توقيعاته ( فليعمل كل أمرئ منكم بما يقرب به من محبتنا ويتجنب ما يدنيه من كراهتنا وسخطنا فإن أمرنا بغتة فجأة حين لا تنفع توبة ولا ينجيه من عقابنا ندم على حوبة )
◀ الانتظار له ثلاثة انحاء :
الأول : انتظار تعطيلي واصحاب هذا الفكر يتخذون موقف سلبي إزاء المنكرات والطغيان والفساد ويتصورون انه كلما استشرى الفساد والظلم قدمنا خطوة ناحية الظهور المقدس كما فعل مجموعة من المؤمنين في ايران يعرفون بأسم ( أنجمن حجتي ) مستدلين بروايات لم يتدبروا حقيقتها كهذه الرواية عن الامام الصادق ع ( كونوا احلاس بيوتكم ولا تخرج مع أي خارج )
والثاني : الانتظار الانفعالي ( العاطفي ) : وهؤلاء يتفاعلون مع الأحداث وكلما مر حدث اكتفوا بقولهم : يا صاحب الزمان ادركنا ، العجل يا مولاي ، او يكتفون بالاوراد والأدعية والنخاوي وأهداء الاعمال العبادية والصلوات لامام الزمان عج وترديد الأشعار وعند الجد تجد لسان حالهم يقول : ( اذهب مع ربك فقاتل إنا ها هنا قاعدون ) وهذه الفئة قد تلتبس عليهم الحقائق وتشخيص الواقع لغياب البصيرة .وإن كان عملهم حسن وله فيوضاته الروحية لكنهم يكتفون بانتظار الفرج من دون حركة استعدادية .
الثالث : الانتظار الفعلي ( الإعدادي ) بكل مدلولاته العقائدية والادارية والسلوكية ففي عقيدتهم معرفة إمام زمانهم ومقاماته الوجودية والفيضية ومعرفة ما يرضيه عنهم فيفعلوه وما يسخطه عليهم فيجتنبوه ،
وفي إدارتهم لحياتهم الفردية والاسرية والاجتماعية يتحركون وفق تخطيط مدروس ومتقن من دون توقيت الظهور انما هم متأهبون ومستعدون لظهوره المقدس في أي وقت فيهيئون الارضية بنشر العلوم المحمدية الاصيلة عبر انشاء المؤسسات الدينية والثقافية والاجتماعية وعمل البرامج والانشطة المهدوية .
وفي سلوكهم تجدهم مؤمنون محسنون عابدون سائحون طيبون متعاونون . ذوي أخلاق عالية ونفوس طاهرة وصراطهم الحق ومنطوقهم الصواب وسيماهم التقوى وسيرتهم الصلاح.
فهم في ركب الصالحين الذي طلب جميع الانبياء الالتحاق به ( رب ألحقني بالصالحين ) .
وهذا الانتظار المطلوب للفرج . مع أن هناك روايات تبين ان المنتظر يعيش حقيقة الفرج عن علي بن الحسين ع ( انتظار الفرج من أعظم الفرج ) لأن المنتظر يعيش لذة الارتباط بإمام زمانه وكلما حلت به نائبة تهون إزاء مصيبته في فقدان الماء المعين وبإصلاح ذاته طلبا لرضا مولاه فهذا مفرج عنه حقيقة .
◀ بناءا على الايات الشريفة ( فارتقب انا مرتقبون ) أو ( فانتظر انا منتظرون ) فهل الانتظار يعني الترقب للظهور ؟ .
في الواقع هناك فرق كبير بين المنتظر والمترقب أو المراقب ،
لأن المنتظر يمتلك عقيدة راسخة وايمان بقضيته ولديه شوق واستعداد حقيقي وتهيئ لامام زمانه بينما المراقب ينشغل بالعلامات ومدى مطابقتها للواقع وليس بالضرورة ان يكون موالي بل قد يكون مخالف . وقد تكون لديه دوافع سياسية او مصلحية او استعراضية وهذا ما لا ينسجم مع حقيقة الظهور .
يأتي ابو بصير مخاطبا مولاه الامام الصادق ع قائلا : جعلت فداك متى الظهور ؟ قال ع : ( يا ابا بصير مالك والظهور ؟ افتريد الدنيا ؟ الا يكفيك انا ظهرنا على قلبك ؟ )
وفي رواية اخرى ( من عرف هذا الامر فقد فرج عنه بانتظاره )
ونحن نشاهد اليوم رواج كبير لهذا الاتجاه في سوق المترقبين لا المنتظرين فعشرات الكتاب والباحثين والمحللين والمغردين والمتنبئين بل وحتى المعممين يركزون على جانب العلامات وتطبيقها على الواقع مع العلم ان بعض الروايات صحيحه وبعضها ضعيف الا انهم نجحوا في استقطاب الجماهير وتفاعلهم .
والخطورة تكمن في الجزم والتيقن في تطبيق تلك العلامة او هذه بل وصل الحال الى توقيت زمن الظهور وتمر الأيام والسنين ولم يتحقق ما اثبتوه ومع طول الامد قد يحبط المترقبون وقد يرتدوا وهذا الحال له ما يماثله في الشواهد التاريخية .
فما هي الثمرة المرجوة من تطبيق العلامات على السفياني او الخرساني او اليماني من دون عمل وحراك ؟
يقول السيد القائد حفظه الله ( يجب عدم الغفله عن الانشغال عن العلوم العملية الدقيقة حول الانتظار وعصرالظهور وكثير من العلامات تبعد الناس عن حالة الانتظار )
ومع فرض ان هذه العلامات تنطبق تمام الانطباق على هذه القضية او غيرها فما هو العمل ازاءها ، ألا يترتب عليها احكام وضعية وعملية أم أنها مجرد علامات نظرية ؟
فاليهود ترقبوا خروج النبي الاكرم ص وتتبعوا علامات بعثته بدقة ولكن لما جاءهم ما عرفوا كفروا به .
وكذلك في قصة نبي الله نوح عندما دعا على قومه أرجأه الله ثلاث مرات وامره ان يزرع سبع نويات من التمر ويعدهم بنزول العذاب بعد ان تثمر وحينما اثمرت ولم ينزل العذاب ارتد في كل مرة جمع كبير ولم يتبق سوى الامة المستخلصة المخلصة قرابة 80 مؤمن فهم المجموعة الثابتة التي لن ولم تتغير على ولي زمانها . وهذا لا يختلف عن واقعنا المعاش فما أكثر المزمرين والمطبلين وحين البأس لا تجد منهم ديارا
عن جابى الجعفي قال : قلت لابي عبدلله ع : متى يكون فرجكم قال : ( هيهات لا يكون فرجنا حتى تغربلوا ثم تغربلوا ثم تغربلوا حتى يذهب الكدر ويبقى الصفاء ).
وقد ورد في الروايات ( من مات منكم وهو منتظر هذا الامر كمن كان مع القائم في فسطاطه ) المنتظر وليس المترقب .
◀ بعض خصائص المنتظر :
- نصرة إمام زمانه من خلال مناصرة أوليائه ( اني سلم لمن سالمكم وحرب لمن حاربكم ) .
ونرى في الزيارات ( ونصرتي لكم معدة حت يحيي الله تعالى دينه بكم )
- القوة والشجاعة ( عبادا لنا أولي بأس شديد ) قال الامام الصادق ع : ( المهدي ما يخرج إلا في أولي قوة )
- مطيع لمولاه وممتثل لأوامره . في غيبته وحضوره قال الامام الصادق ع : ( طوبى لشيعة قائمنا المنتظرين لظهوره في غيبته المطيعين لله في ظهوره أولئك أولياء الله الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون ) .
- ان يتسلح بالعلم والمعرفة ليكون ذي بصيرة قال ص : ( ستكون فتن يصبح الرجل فيها مؤمناً ويمسي كافراً إلا من أحياه الله بالعلم )
- طلب الشهادة بين يديه ( يدعون بالشهادة ويتمنون ان يقتلوا في سبيل الله ) .
- العمل بالورع ومحاسن الاخلاق فقد ورد في الحديث : ( من سره أن يكون من أصحاب القائم فلينتظر وليعمل بالورع ومحاسن الأخلاق وهو منتظر فإن مات وقام القائم بعده كان له من الأجر مثل أجر من ادركه فجدوا وانتظروا هنيئا لكم ايتها العصابة ) .
- التواصي بالحق ( الولاية ) والصبر ( في زمن الانتظار ) فنحن مطلوب منا ان نصبر ونصابر ونرابط قال تعالى : ( يا أيها الذين امنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون ) مضمون تفسير الامام الباقر ع : ( اصبروا على أداء الفرائض وصابروا على مجابهة عدوكم ورابطوا امامكم لمنتظر )
- الاستعانة بالله على الشدائد ومواجهة الظالمين
قال تعالى : ( استعينوا بالله واصبروا إن الأرض يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين ) .
اللهم اجعلنا من الممتثلين أوامره والمسارعين إليه في قضاء حوائجه والذابين والمحامين عنه والمستشهدين بين يدية ولين قلوبنا لوليك فإنك ارحم الراحمين
التعليقات 2
2 pings
2015-12-21 في 5:55 ص[3] رابط التعليق
نعم أحسنتِ اللهم لين قلوبنا لولي أمرك الحجة ابن الحسن وهب لنا رضاه ورأفته ما ننال به سعة من رحمتك وفوزا من عندك يا ارحم الراحمين .
علي حسين الموسى
2015-12-21 في 1:06 م[3] رابط التعليق
اللهم صل على محمد وآل محمد
وعجل فرج محمد وآل محمد
نسأل من الله ان نكون من المنتظرين بما تحمله المعاني لظهروه المبارك
لا المترقبين فقط لظهوره الشريف
بارك الله فيك