للخطيب الحسينيّ - أيّ خطيب من دون استثناء - الحقّ في الخوض في أيّ حديث يراه مناسبًا حسب ثقافته وعلمه ومقامه ومعرفته وميوله ما دام لله في هذا الحديث رضا وللناس فيه صلاح ، كما ذكر ذلك مولانا الإمام زين العابدين (؏) قبل أن يرتقى تلكم الأعواد في خربة الشام في محضر يزيد وأعوانه ، فقلب بخطبته العصماء الطاولة على الحاكم الظالم المغتصب للخلافة آنذاك.
أجل فالخطيب الحسيني البارع الحاذق يخطط ويهندس لخطبه، فيدير رحى الحديث ويوجه بوصلة الأفكار بدقة وعناية متناهية، ويؤثر في الحشود المتجمهرة، وهذا هو دوره المنتظر منه.
إلا أن ما لا يُستساغ ولا يتفق ومقوماتِ الأمانة العاشورائية أن يخون الخطيب مبدأ مَن صَعِدَ المنبر من أجله واجتمعت الجماهير لمحبته وهو الإمام المظلوم الثائر ضد الظلم أبي الأحرار مزلرل الظالمين في كل زمان ومكان الإمام الحسين بن علي (؏) حيث تجد مِن الخطباء مَن يجرح مشاعر الجماهير المؤمنة ليمتدح الظالم أيَّ ظالم طيلة التاريخ منذ يوم الطف وحتى يومنا الحاضر، بدءًا من عهد الطاغي يزيد ومن خلفه من خلفاء بني أمية الظالمين ومرورًا بعهد الخلفاء العباسيين وليس انتهاءً بالظالمين في عصرنا الحديث.
أجل بعض الخطباء إما لجهلهم أو تماهيًا منهم مع الوضع السائد يقومون بامتداح الظالم والظالمين بقصد منهم أو بغير قصد.
والأشد إيلامًا من ذلك كله أن يدعو الخطيب للظالم الذي يقبع المستضعفون تحت نير ظلمه..
ذلك الظالم الذي أثقل كاهل الموالين بسياط جوره ، الظالم الذي طالما رزح ويرزح في سجونه ملايين المظلومين، الظالم الذي تتقاطر من سيف جُرمه دماء آلاف الضحايا من المؤمنين.
أيها الخطيب يا من يروق لك أن تمتدح الظالم وتدعو له قد تكون شَريكًا لشُريك القاضي في فتواه إن مارست هذه الخطيئة ، والتاريخ يحتفظ لنا بنماذج من أمثال هؤلاء الخطباء الذين طالما أدموا قلب صاحب الزمان (عج) بصنيعهم الأهوج المتناقض ومبادئ من جلسوا على منبره ومشوا في نهضته وادعوا أنهم تخلقوا بأخلاقه وتربوا على يد مبادئه وأبكوا العيون لمصائبه ومصائب أهل بيته وصدحوا باسمه ونادوا بندائه يوم العاشر من المحرم: "هيهات منا الذلة ".
إن مجرد الإطراء على الظالم من على المنبر جريمة بحد ذاتها فكيف بالترضي والدعاء للظالمين ؟! إنه يمثل حالة من حالات التناقض العقلي والقلبي معًا ؛ فـ( لا يجتمع حبّ الله وحبّ الشيطان في قلب واحد ) كما لا يتساوى المظلوم والظالم إلا في مدرسة من يرى ( أنّ القاتل والمقتول في الجنة ) وليس ذلك في مدرسة أبيِّ الضّيم أبي عبدالله الحسين (؏) الذي يُعدّ المنبر الحسيني ركيزة من أهمّ ركائزها المبدئية والعقدية والفكرية.
فالمدح والثناء والشكر والدعاء للظالم هي آفة المنبر الحسيني المقدس فلا ينبغي أن تكون حاضرة على ألسنة الخطباء في أي وقت من الأوقات فكيف بأيام عاشوراء الولاء؟!
فالحذر الحذر من ذلكم الداء.
علي أحمد المحيسن
التعليقات 1
1 pings
2015-10-16 في 7:46 ص[3] رابط التعليق
أحسنت أخي … ولكني بدأت بالتساؤل فهل يوجد خطيب يمتدح ظالم من ظالمي آل محمد عليهم السلام ؟؟؟؟؟ ان كان كذلك فلنا حق أن نسأله ما الدافع لذلك وما هي الاسباب ؟؟؟؟؟