أطلت علينا قبل أيام ظاهرة انخساف القمر أي أن القمر يصبح مظلم ويذهب نوره الوضاء الذي يزين الأرض ومن عليها والذي يشجي قريحة الشعراء فينثرون غزلا على المتحابين والعاشقين في محافلهم الكثيرة هذه الظاهرة المعهودة لدينا وان كانت قليلة الحدوث الا اننا مذ كنا صغارا ونحن نسمع بها كان لها وقع كبير علينا فلقد علمنا آباؤنا وأمهاتنا ما أن ينخسف القمر الا ويبدأ الجميع في الصلوات والابتهال الى الله تعالى بأن يعيد ضياءه اليهم من جديد وينعمون بنوره والأمر الأكثر من هذا الخوف الذي لم نعرف سببه أنداك أننا كنا نظن أن القمر قد أكله (الحوت) كما كانت تروي لنا الامهات هذه الأساطير ( وأي حوت هو الذي في السماء ويأكل القمر!)
ولكننا ولبساطة تفكيرنا كنا مصدقين هذه الأساطير وكنا نشاركهم خوفهم بل وابتهالاتهم في اعادة القمر الينا من جديد ولكن بطريقة تفكيرنا نحن وهدفنا نحن لا بطريقتهم وهدفهم، كبرنا قليلا لنعرف علمياً أن القمر حينما يذهب بنوره في ظاهرة الخسوف وذلك لوقوع الأرض بين القمر والشمس مما تحجب الأرض نور الشمس عنه فلا يصل الينا انعكاس هذا النور الذي يعكسه لنا القمر ولكن أين (الحوت) إذا؟
يقول الله تعالى في آياته الكريمة ( فإذا برق البصر وخسف القمر وجمع الشمس والقمر يقول الإنسان يومئذ أين المفر ) (سورة القيامة)، من خلال هذه الآية عرفنا أن هذه الظاهرة انما هي ظاهرة طبيعة تذكرنا بأهوال يوم القيامة حين يتغير كل شيء بإذن الله تعالى وعرفنا لماذا كان يصلي آباءنا وامهاتنا ولماذا يبتهلون لإعادة القمر اليهم من جديد أو بالأحرى ضوء القمر وذلك فقط كون هذه الظاهرة تذكر بأحداث يوم القيامة مما يدعو النفس المؤمنة ان تستشعر الموقف وتستشعر ان تبتهل الى الله أن يرحمها برحمته ويهون عليها الخوف من هذا اليوم العظيم ويدخلها في كنفه المبارك، انه اسلوب ذكي ليتعود المؤمن كيف يدعو الله في مثل هذه المواقف وقت حصولها ومع مرور الوقت والأزمان كسر الناس كل العادات وبدأ يقلب التقاليد الى مهازل ويصغر الأمور بل يستخفها ويعتبرها أهازيج يظهر من خلالها فرحه وكل أدوات التغني رقصا على أثرها.
ها هي الظاهرة كما قلت أطلت علينا وتزامنت مع حدث لا يحدث الا في أوقات نادرة كأن يكون القمر عملاقاً أي ان يكون في أقرب مدار له مع الأرض ومع هذا التزامن (الخسوف) و( القمر العملاق) ظهر القمر بلون أحمر نتيجة تأثره الكبير بوهج الشمس، وما أن تم الاعلان عن حدوثها حتى بدأ شحذ همم الاستعداد النفسي والتقني لتلقي هذا الحدث فسهر الناس فرحين ينتظرون العملاق الأحمر أن يطل في كبد السماء وبدأت وسائل التواصل الاجتماعي ترسل رسائل كيفية الصلاة في مثل هذه المواقف والمحظوظ السعيد من أرسل هذه الرسالة قبل الجميع ولا نعلم هل هو من صلى قبلهم أم آخرهم أم لم يصلي بتاتاً، كما وبدأت عدسات الموبايلات بالتقاط لقطات تباهى بها الجميع أمام الجميع وبما أن الظاهرة كانت فجراً فمنهم من تحدث عن الحدث ومنهم من لم يتحدث بعد، وتم مواصلة الحديث عن هذه الظاهرة حتى عصر اليوم التالي بأي منهم رأى القمر وهو ينخسف وكيف رأى لونه الأحمر في السماء وكأنه كان ينتظر كرنفال فاتته أحداثه المثيرة.
ومع هذه الصدى الذي أصم آذاننا انتفت كل معاني الخوف الذي كان سابقا يلازم مثل هذه المواقف وكل معاني التوسل الى الخالق بأن يدخلنا في رحمته يوم لا ينفع مال ولا بنون وكل معاني الشكر والامتنان اليه تعالى بأن يعيد في كل مرة ينخسف فيها القمر اليه نوره عند زوال الحدث وتحرك الارض عنه ليطل على الشمس من جديد ويكتسب ضوؤه الوهاج فيعكس وهجه الجميل على الأرض وتنير الأرض بنوره وتستضيء بضيائه.
ولو عاد بي الزمن الى الوراء حيث كنت صغيرة لتساءلت هل أكل الحوت القمر أم أكل عقول الناس!
التعليقات 3
3 pings
عبدالله حسين البراهيم
2015-09-30 في 8:32 م[3] رابط التعليق
جميل جدا .. وفكرة ذكية ربط خسوف القمر بالتذكير باحد مشاهد يوم القيامة وبالاستعداد والاعتياد عليه .
وانا اقرأ المقال في سياق عدسات المصورين اخذني الخيال في تلك اللحظة وكأني موجود على سطح القمر اراقب كوكب الارض وارصد وكمية هائلة من الاضواء والفلاشات تنطلق بسرعة الضوء من الارض نحو القمر ….
فيا ترى ما هي ردة فعل القمر على هذه الاضواء ؟؟
سمعته يخبرني .. بأنزعاجه وان تلك الاضواء الارضية لم تكن في السابق تصلني وقد افسدت علي اجواء السكون الكوني والبعد عن ضوء الشمس حادثة نادرة اترقبها بين فترة وأخرى اجدد فيها خضوعي وتسبيحي لخالقي ولكن اذى البشر وفضولهم وصلني .. مجرد رأي.
هل سمعتم عن نظرية ان القمر عبارة عن كرة حديدية مفرغة من الداخل ومن الخارج مغطاة بالتراب! ؟
توجد ادلة على ذلك فابحث عنها ووسع مداركك وخيالك وعلومك.
2015-10-02 في 10:12 ص[3] رابط التعليق
شكرا على التصحيح أخي الكريم ربما لم انتبه لذلك الا ان المبدأ واحد 🙂
اشكرك كثيرا على الخيال القصصي الذي ادخلتني فيه معك حول القمر ومشاعره في تلك اللحظات
وأشكرك مجددا حين طرحت معلومتك الجديدة هذه …أفيعقل أن يكون القمر كتلة حديدية ومفرغة من الداخل ومغطى بالتراب ؟؟؟؟؟ جاري البحث عن المعلومة .
عبدالله حسين البراهيم
2015-10-01 في 9:17 ص[3] رابط التعليق
ملاحظة بسيطة وتصحيح علمي:
اقتباس
(أن القمر حينما يذهب بنوره في ظاهرة الخسوف أنما هو لوقوعه بين الأرض والشمس)
هذا الوصف لوضع الكسوف الشمسي ….
واما الخسوف القمري هو حينما تقع الارض بين الشمس والقمر.