.
للحياة موازين ونظم وسنن كونية وضعها الله عندما خلقها فقدر كل شيء تقديرا وجعل لها افلاك متناغمة تسبح في ملكوته بين عالم الغيب والشهادة وهذه السنن خلقت لتسيير الحياة على أكمل وجه.
.
فأرسل الله انبيائه ورسله بكتبه تبيانا لكل شيء فيما يسعد هذا الانسان وفيما يشقيه ولكن يبقى التقصير من هذا الكائن البشري الذي ميز بالعقل والتفكير المتقدم في طريقة تفكيره وفهمه لتلك للموازين والنظم وطريقة التعامل معها لأهميتها في تسيير الحياة بكل يسر وسهولة.
.
فالنار لها قانون وسنة الاحراق علمه من علمه وجهله من جهله والاحراق هنا لا يعفي من جهل هذا القانون من عدم احراقه وكذلك الزرع والانبات له قوانين وانظمة الغرس والري والعناية والانتظار .... عندما لا تدرك ولا يعمل بها فلن يكون هناك ثمار جيد والعكس صحيح.
.
فالشر هو نتيجة مخالفة طريق الخير والنور والسير بعكس تياره في الطرق الملتوية والظلمات والسعادة هي الاصل في الخليقة ولكن عندما يتخذ الانسان غير قوانينها مذهبا له تنهال عليه الويلات ويصبح عبوسا قمطريرا وله معيشة ضنكا.
.
الكثير من البشر اليوم يتجرعون غصص الالام والاحزان وقلة هم من اصحاب السعادة والسلام وكل في فلك يسبحون .... فالسعيد توصل لسعادته بعدما فهم ووعى سنن وقوانين الحياة السعيدة ومتطلباتها التي وضعها رب العباد فسار عليها رغم الصعاب والمطبات الحياتية التي واجهته إلا انه في نهاية المطاف انتصر عليها ولو بشكل جزئي .... وذاك التعيس الحزين الذي لم يحسن التعامل مع انظمة الحياة في المواقف الصعبة زاغ عن الجادة يعاني الويلات والحبور.
.
فكم فقدنا من احباب وشباب في مجتمعاتنا قد مارسوا فنون التدمير الذاتي ضد أنفسهم باحترافية وقتلوا أنفسهم عمدا من دون ان يشعروا بذلك وربما بقناعة سيئة قد فهمها هذا الانسان أو ذاك بشكل خاطئ وتبرمج عليها وكان يضن ان هذا الفعل ممدوحا وفخرا ومن صفات التضحية والبطولة.
.
فذاك الشاب الذي أنهي حياته اخيرا بعد ان شلها طوال سنوات عدة بسبب قصة حب فاشلة وزواجة لم تكتمل فصولها لصالحه وكأنت قناعته في اثبات حبه العظيم كما فعل قدوته قيس بن الملوح مع ليلى !!
.
يا لها من قناعة فاسدة غرست في كيانه من خلال المناهج الدراسية بمثال بائس لإنسان مصاب بهلاوس نفسية وانفصام في الشخصية اوصلته للجنون حتى انه مسح بكرامته الارض مقبلا ذا الجدار وذا الجدارا .
.
وذاك الرجل الذي توفي إثر ازمة قلبية لأنه كان يكتم امرا ما لم يعجبه في حياته رغم ابتسامته وخلقه الرفيع ولكن لم يعي كيف ينفس همه عن نفسه.
.
وتلك المرأة التي رحلت حزينة عن بيتها واهلها بعد كومة من الامراض وعمر في المستشفيات بسبب معاناة داخلية ومشاكل عائلية ادت الى تدميرها ذاتيا.
.
واخبركم عن ذلك الشاب اللطيف والمتفوق الذي حصل له موقف اعتداء من وحوش انسية نزعت الرحمة من قلوبها فأعتزل مسرح الحياة منذ خمسة وعشرين عاما عازفا عن الزواج ومبتعدا عن مخالطة الناس والمجتمع .... ومازال يمارس التدمير الذاتي مع نفسه لأنه اتخذ ردة فعل عنيفة وعميقة لم يشفى منها حتى اليوم وربما لم يجد من يمد له يد العون أو من يستطيع ان ينفس عنه مشاعره وآلامه.
.
أو عن تلك الام الحنون على اولادها المراهقين الذين أثقلوا كاهلها بالمصائب والمشاكل والبطالة واللا مبالاة فمن شدة تفكيرها بهم والخوف عليهم زارتها الامراض مثل الضغط والسكري والتكسر ولم تخرج منها فأصبحت خاوية القوى ملازمة لطرق المستشفيات في معاناة مع نفسها ومع من حولها ....
.
وكم تكررت قصص الموت التتابعي كتلك الجدة الطاعنة في السن حين توفيت وبعد ايام لحقتها ابنتها الخمسينية لأنها لم تؤمن بقضاء الله وقدره ولم تصبر على المصاب أو تحتسب ذلك عند الله بحق.
.
تزخر مجتمعاتنا بالكثير من الامثلة الحية بمثل هذه النوعية من المشاكل الشخصية والاسرية والاجتماعية التي تصادفنا في سرادق الحياة كالبيوت والعمل والشارع والسفر والاصدقاء .... مما تسبب اضطرابات واحباطات لا يحمد عقباها لمن لم يمتهن مهارات فن التعامل معها ....
.
ان الله هو مسبب الاسباب وجعل لتلك الاسباب مسببات وهي القوانين والسنن فالمرض له سبب والموت له سبب والصحة لها سبب والحياة لها سبب والقلق والسلام لهما سبب فالإنسان هو المسؤول عن القرارات والافعال التي يتخذها في حياته لأنه مخير وليس مسير فإما تذهب به الى اعلى عليين أو أسفل سافلين انا هديناه النجدين اما شاكرا واما كفورا ....
.
فالسعادة خيار للعقلاء والتعاسة ايضا خيار لمريديها ويحدث ذلك من خلال اشعال العقل بالتفكير والعلم المدرك بالحواس وتحويله الى سلوك باطني ايجابي كان ام سلبي ....
وسأطرح هنا بعض الحلول والافكار والقناعات التي من شأنها مساعدة الافراد المتأزمين للنهوض بحياتهم للأفضل ان شاء الله.
.
1 -التغيير سنة كونية:
التغيير هو الثابت الوحيد الذي لا يتغير ومن سنن الكون هو التغير والتوسع وكذلك الانسان خلقه الله متغير الاحوال من ضعف الى قوة سواءً على المستوى الفكري أو المستوى البدني ولكن بقانون ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم اي لا تستطيع اي قوة بشرية ان تغير اعتقاداتك وقناعاتك إلا عندما يحدث التغيير في داخلك ومن نفسك وبرغبة منك اولا ثم ينعكس ذلك على افعالك لتسعى في تحسين اوضاعك وسلوكك الحالي الذي لم يأتيك بنتائج جيدة الى قناعات ايجابية تجلب لك الخير والسلام.
فمن لا يتقدم للأمام فهو في الحقيقة يتراجع للخلف لان تيار الحياة في تقدم مستمر فمغبون من تساوى يوماه ومن لم يفرق امسه عن يومه للأحسن ولو بخطوة واحده في اي مجال في حياته كأن يقرا أو يتفكر أو يسمع أو يشاهد برامج مفيدة أو يحضر دورات تطويرية أو يستشير عالما أو خبيرا .... فالعلوم اليوم باتت كثيرة ومتنوعة وفي متناول الجميع وسهل الوصول اليها بأقل التكاليف والجهد والوقت فربما معلومة ايجابية واحدة تنقل حياتك للنعيم والعكس صحيح والحكمة تقول ان العلم نور والجهل ظلام فالعلم والمعرفة طريق للنور والوعي والحياة الطيبة فكلما زادت كمية العلوم النوعية المدخلة في عقلك ازدادت جودة المخرجات الفعالة وكلما قلت أو ثبتت قلت جودة المخرجات وكل اناء بالذي فيه ينضح فبأي نوع منها ملئت اناءك؟
صادفت يوما أحد الاصدقاء القدامى والذي لم اقابله منذ حوالي ثمانية عشر سنة فتبادلنا الأحاديث الودية ومما لفت انتباهي ان حديث هذا الصديق ومعلوماته واسلوبه لم يتغير قيد انملة لدرجة انه ضرب لي نفس المثال والحكاية التي طرحها في تلك الايام الغابرة .... مما يدل على ان خزينته المعرفية والعلمية لم تتقدم بل ظلت ثابتة رغم مرور قرابة العقدين من الزمن!
فتأكد من تحديث معلوماتك واكتساب المزيد منها لتعينك على طرق الحياة ومسالكها المتغيرة فدورة العلوم والمعلومات تتضاعف وتتغير بسرعة كل ثمانية أشهر وليس كل عشرين سنة.
.
2 -لكل فعل ردة فعل:
قانون احترافي لمن يتقنه يعرف بالفعل ورد الفعل غالبيتنا تبرمجنا منذ الصغر على ردات فعل عنيفة تجاه احداث بسيطة اكتسبناها من بيئتنا ومحيطنا الذي تربينا فيه فماذا لو عملت الان على تغيير واستبدال هذه البرمجيات البالية بأحسن منها واهدا فلم يفت الوقت بعد ما دمت تتنفس ولو بعد ستين عاما من العمر .... فالبعض مثلا يغضب أو ينفعل على أتفه الاحداث ويعكر صفو يومه وحياته لأجل كلمة خاطئة أو انتقاد قيل في حقه فيصبح دائم الحديث مع النفس ليصل للوسوسة والامراض النفسية .... فلو انه خفف ردة فعله وتجاهل ما قيل وجعلها خلف ظهره وليست امامه لأصبح بخير ولم يكن يحصل ما حصل.
.
3 -فن التغافل:
قيل ثلثا العقل تغافل وثلث فطنة ان الذين يدققون على كل شاردة وواردة في حياتهم تصبح حياتهم وحياة من حولهم جحيم لا يطاق لأنهم حولوا عيونهم الجميلة التي خلقهما الله للخير للبحث عن الاخطاء ورصد مخالفات وزلات من حولهم وكأنهم في سباق كشف للعبقرية والذكاء الذي يتمتعون به فأصبحوا ناقدين لكل من يعيش معهم.
فلا تكن مخبرا ذبابيا لا يرى إلا القاذورات فيحل عليها لذا قيل كن كعيون النحل لا ترى إلا الزهور والجمال فتحل على رحيقها فتغافل عن زلات الاخرين واخطائهم وان كنت ذكيا وتراها فأعذرهم فربما من غير عمد أو يمرون بظروف صعبة .... حاول ملاحظة الايجابيات الكثيرة من حولك وعظمها وقلل من تركيزك على السلبيات وتجاهلها فستتغير حياتك للأفضل.
.
4 -10 % عليك و90 % لك:
أنت لست مسؤولا عن المشكلات التي تصادفك في الحياة فهي لا تمثل إلا بمقدار 10 % ولكن مسؤوليتك المباشرة في ردة الفعل والانفعال والتي تمثل 90 % فعندما يخطا عليك شخص فهذا معدنه ومشكلته وهذا خارج عن سيطرتك ولكن الاهم هل تحاول تخفيفها وتناسيها لكي تنعم بشعور السلام في داخلك ام تحاول التصعيد والانفعال فتزداد تفكيرا وتوترا وتدميرا ذاتيا لحياتك فالخيار لك فتعلم فن التهوين وليس التهويل للمشكلات يوما بعد يوم ثم تصبح قادرا على اجهاض اي مشكلة تعترضك في اقل وقت ممكن مع التدريب والقناعة بذلك.
.
5 -فن تحرير الماضي:
من وسائل التدمير الذاتي عندما تعيش في حدث أو مشكلة وقعت لك في الماضي وما زالت ذكرياتها الحزينة في نفسك مدمرة ليومك الحاضر حتى بعد مرور سنوات من وقوعها .... فنقول حرر الماضي واحداثه المأساوية وأطلق سراحه فليس من الحكمة ان تحمل هموم الماضي ليومك هذا اينما ذهبت تذهب معك مثقلة كاهلك فهذا منافي لكمال السعادة والقلب السليم فسامح واعذر وحرر مشاعرك السلبية تجاه اي شخص وليس بالشرط من اجله هو فربما لا يستحق ذلك بل من اجل راحة نفسك أنت لتنعم براحة البال والطمأنينة فاجعل قيمة السلام والامان في نفسك قبل القيم الاخرى.
.
6 -عيش اللحظة:
ان التوكل على الله حق توكله هو عيش للحظة والحاضر وهو كفيل بأن يحسم في نفسك كل احزان الماضي ومخاوف المستقبل فالعيش في اللحظة قانون للإصلاح الذاتي حين بشر الله التوكلين عليه بأن لا خوف عليهم ولا هم يحزنون اي لا يعيشون في ازمنة وهمية كالماضي أو المستقبل فالماضي ذهب ولن يعود فلم العيش في احزانه فهذا ضرب من الجنون والعذاب الذاتي بل اجعله صندوق للتجارب والخبرات وكذلك المستقبل لم يأتي بعد فلم الخوف من شيء لم يحدث بعد بل اجعله بعدا للتخطيط والتدبير فالحل ان تعيش في الزمن الحقيقي وهو الحاضر الذي تعيش فيه الآن وهنا ....
فعندما تأخذك نوبة تفكير في احزان الماضي أو مخاوف الغد قم بقطع هذه الحبال الوهمية التي كبلت نفسك بها بمقص الارادة وعد الى حاضرك الذي تستطيع ان تكون فيه احداثا جديدة تسعدك وتستمتع بها.
.
7 -رسائل ايجابية في المشكلات:
المشكلات عبارة عن دروس ورسائل مجانية تعطيها الحياة لمن لم يفهم ويتقن قوانينها فأمر المؤمن كله خير وكل مشكلة وراءها رسالة وتقويم فلا تتذمر وتلقي باللوم على القدر والنصيب وابحث عن الفرصة والتقويم في كل مشكلة وستجد انها تريد ان تنبهك وتخبرك عن خلل تمارسه ربما لا تشعر به فابحث عنه وعالجه.
.
8 -حاضرك نتيجة ماضيك:
تلفت من حولك في الحاضر ودقق في واضعك المادية والوظيفية والصحية والروحية الشخصية والاسرية والاجتماعية .... كلها كأنت نتيجة قناعاتك وقراراتك التي اتخذتها أنت في الماضي أو وجهك اليها احدا ما وإذا ما اردت تغييرها ان كان بها ضعف أو خلل فعليك ان تتخذ بعض الاجراءات والقرارات الجيدة في حاضرك ليتغير وضعك في المستقبل للأفضل.
.
9 -أنت تجذب ما تفكر فيه:
اذا كنت تضن ان الحياة عبارة عن معاناة ونكد فهذا ما ستحصل عليه جراء نيتك وضنك فالله عند ضن عبده فلتضن به ما تشاء ان كان خيرا فلك وان كان شرا فلك فتعرف على نيتك من خلال تفكيرك الذي يجذب الاحداث كالمغناطيس الى حياتك ان كأنت احداثا ايجابية فنيتك طيبة وان كأنت تنهال عليك الاحداث السلبية والمشاكل من كل حدب وصوب فربما تحتاج ان تضبط نيتك في الداخل وتعيد برمجتها بشكل ايجابي وتحسن الضن بالله فهو من خلق الحياة ومدبرها وان تتوقع منه الخير والصلاح فما تتوقعه هو ما تحصل عليه فاستغل ذلك بالنوايا الطيبة التي تقرب لك الخير .
.
10 -الحديث الداخلي الصامت:
الانسان كائن مفكر في يقظته وفي منامه ونفسه مشتعلة بالحديث والتفكير الداخلي وخصوصا مع اشتداد الاحداث ... فما هو نوع الحديث الداخلي الذي ينتابك في غالبية الوقت؟
قف لحظة وراقب افكارك ونواياك في الداخل فهل نوعيتها ايجابية وتعينك في يومك كأن تقول انا انسان صالح وبطل وفخور بذاتي وبإنجازاتي ومجتهد وسأحقق اهدافي وذكي وان الله يحبني .... فهذا ايحاء ذكي منك يبرمج حياتك على الثقة بالنفس والتطوير المستمر ويعطيك دفعة للأمام.
اما ان كان 90 % من يومك مشغول بالتدمير الذاتي والحديث السلبي مع النفس كأن تخاطبها انا حظي سيئ انا فاشل انا ضعيف انا منحوس انا غبي .... اتوقع أني سأرسب اتوقع أني سأمرض .... حتى تصبح خبيرا في التوقعات السلبية فهذا فعلا ما ستحصل عليه وستكون عليه فقد ملئت تفكيرك واحاسيسك بكل ما يوحي ويجلب لك المساوئ والفشل والدمار فلا تلومن إلا نفسك ... فقم بإعادة ترتيب افكارك ونواياك بقوة ارادتك وادراكك لما أنت واقع فيه وضبطه.
.
11 -اختيار المؤثرات:
كلنا نتأثر بما يحدث في محيطنا ولكن يبقى الباب مفتوحا باختيار ما نريد ان نتأثر به فالإنسان السلبي تراه غاطسا في الاحداث السلبية منذ الصباح وحتى المساء .... يشاهد برامج الكوارث ومسلسلات الحزن والبواكي والقتل ونشرات الاخبار السيئة والدمار متحدثا عنها في عمله وعند اسرته ومع اصدقاءه ومع نفسه وفي وسائل التواصل الاجتماعي وفي مراسلاته الكوارثية .... فلا تلومن نفسك ان اكملت هذا التدمير الذاتي حتى في منامك حين ترى الدمار والكوابيس !!
فهل تعرف لماذا تفعل ذلك؟
لأنه أصبح عندك تكيف عصبي وشعور بالراحة مع الكوارث وانسجام بينك وبين والاحداث السلبية وشغف في متابعتها والحديث عنها طوال الوقت ونشرها وتشعر بأنك اديت الواجب تجاه الناس عندما تكون السباق في بثها .... ولا تعلم ان ما تقوم به ما هو إلا انعكاس للنفسية الكوارثية التي تعشعش في داخلك وليس خدمة جليلة .... فغير قناعتك هذه واستبدلها بأحسن منها.
اما الانسان الايجابي تراه مطمئنا بذكر الله متوكلا عليه غاطسا في الافعال الايجابية منذ الصباح حيث الشكر والامتنان لله والحديث الحسن في علاقاته متزنا ضابطا لنفسه ساعيا في عمله وفي تحقيق اهدافه شاغلا اوقاته بمهاراته ومطورا لذاته يشاهد البرامج المفيدة ويبتعد عما يعكر صفو يومه ويستمع لما يسره ويجالس الايجابيين ويعمل معهم ويسمح بأن يتأثر بهم حتى يصبح بينه وبينهم انسجام وسلام وهكذا يحقق عمارة الارض بالخير والصلاح.
.
12 -حياتك مسؤوليتك:
كثير من المتأزمين لديهم كبرياء وغشاوة تجاه ما يشعرون به من هموم ولا يعترفون بخطأهم وتراهم يدافعون عن أنفسهم بكل قوة ويقين وقناعة تامة بأنهم على صواب وعباقرة وان تعاستهم ليست منهم بل يلقون بعجزهم على غيرهم فمنهم من يلوم القدر والحظ أو السحر والشيطان أو امريكا واسرائيل أو العين والحسد أو اسرته وعمله .... أو حتى الجو والطقس !!
فالمهم انه بريء ومعصوم من الخطأ فإن كنت واحد منهم فأعلم ان الحل هو بيدك ولن ينقذك من تدمير ذاتك ومن هذه الاوهام إلا أنت.
فأول الحل هو الاعتراف بالمشكلة بأنها فيك ومنك دون اي خجل وهذا ليس تنقيصا من قدرك وذكاءك.
وثانيا ان تعلم ان سعادتك وتعاستك أنت من يصنعها وليس الاخرين فتستطيع ان تكون سعيدا في داخلك ولو قامت حروب الدنيا من حولك وتستطيع ان تكون تعيسا في داخلك ولو قامت الجنان من حولك . فالسعادة والتعاسة بيدك لا بيد غيرك أنت من يختار ما يريد وان قلت انهم هم من يتحكمون في تدمير ذاتك! فلم تسمح لهم بذلك حيث يسيرون حياتك كيفما يريدون فاين قوتك وارادتك وذكاءك وكرامتك ؟؟
فقط تحتاج الى تقنيات ومعلومات وتغيير بعض القناعات البالية من نفسك وبعض الجهد والاصرار والصبر لتجني ثمار التغيير والنجاح والسعادة.
.
13 -الملفات المفتوحة وحسم المشكلات:
يفتح العقل ملفا لكل مشكلة تحدث لك وتركز عليها وتعطيها كثافة حسية ولا يغلق هذا الملف إلا بعد حل المشكلة فلا تجعل مثل هذه الملفات تتراكم بكثرة لديك عبر السنوات دون حل فتطرا عليك بين فترة واخرى على شكل هم وغم وكآبة لا تعرف مصدرها احيانا مرسلة لك تنبيها وتحذيرا بسرعة حسمها واغلاقها قبل ان تتفاقم اعراضها.
الحل والاصلاح الذاتي هو ان تقوم باتخاذ قرارات حاسمة الان ولا تأجلها كأن تذهب لتتسامح ممن اخطأت عليه أو تقرر ان تعمل ما تفكر فيه وتنهي امره حتى لا يؤرقك أو تصارح زوجتك -زوجك -بما في نفسك أو تعالج مرض ما فيك .... بعدها ستتحسن نفسيتك وستشعر بسعادة غامرة.
.
14 -الكبت والتنفيس:
الهموم المعنوية اشد فتكا بالإنسان من الجروح أو الكسور الظاهرية ومشكلة الهموم انها لا ترى لأنها باطنية ولا يشعر بها إلا حاملها فلذا المجتمع لا يعير صاحبها اي اهتمام إلا بعد ان تتفاقم وتظهر على شكل هلاوس أو وساوس أو مخاوف أو احباطات اخذت مفعولها السلبي وتركت أثره عليه وخصوصا ان كان هذا الفرد لا يعي ما يعاني منه ولم يجد من يرشده للحل أو يعالجه ....
لم يتعود البعض على التنفيس من الهموم للطبيب المتخصص بل يعتبر فيها نوع من الاتهام بالمرض النفسي والعيب الاجتماعي المحرج ثقافة بالية توارثتها الاجيال .... فمن الحلول المساعدة ان تقوم بكتابة كل ما يختلج في نفسك وبشفافية على ورقة ثم مزقها ان شئت أو اذهب الى مكان لا يسمعك فيه أحد وفرغ فيه ما تكبته في داخلك بصوت عال أو تكلم بصراحة لاحد الاقرباء أو الاصدقاء الذين تثق بهم بلا تردد .... عندها ستشعر بالسعادة والانبساط.
.
15 -العلاجات:
تقدم الزمان بنا وتقدمت اساليب العلاجات وتحسنت وابتكرت تقنيات علمية ومستخلصات دينية تساعد على الشفاء والراحة ولكن للأسف مازال البعض لا يثق إلا بالمشعوذين والسحرة رغم ان مرضه معروف في عالم الطب النفسي مشخص وله علاجات موصوفة.
فأحيانا يكون الحل بسيط في جلسات تفريغية أو علاج معرفي وسلوكي أو بعض الادوية المهدأة والبعض يحتاج فقط الى جلسة استرخاء أو تنويم ايحائي لدى متخصص يرحل به الى العقل الباطن في الماضي أو المستقبل ويغير احاسيسه الحارة التي رافقت الحدث المسبب للمشكلة واستبدالها بمشاعر ايجابية وتصحيح الموقف ثم الرجوع بسلام.
.
اتمنى ان اكون قدمت شيئا ولو بسيطا في هذه السلسلة القصيرة حول ما يدور في مجتمعاتنا للكثير من الناس الذين يعانون من آلام وهموم دمروا بها أنفسهم واهلكوها بسبب قلة الوعي والمعرفة وضعف في ثقافة العيش بسعادة وسلام والبقاء على ثقافة الالام والموت البطيء .... ارجو من قارئ هذا المقال ان يقي نفسه واهله ويتحسس من لديهم معاناة ويرشدهم للحلول حتى لا نفقد من نحبهم في غفلة ما كنا نحسبها رغم ضجيجهم الداخلي منذ سنوات دون ان نشعر بهم وبالخصوص الاباء والامهات الذين يضحون بسعادتهم في سبيل اسعاد ابنائهم فيكونوا هم الضحية للأمراض والمعاناة وفاقد السعادة لا يمكن ان يهبها لغيره وكذلك الشباب والشابات يجب الالتفات إليهم فما اكثرهم في هذا العصر ....
.
توجد العديد من ادوات رفع الفكر والتفكير بشكل أفضل كالمحاضرات والدورات الفعالة والمفيدة في تغيير تفكير الانسان لأنها تخاطبه بالعقل والمنطق وتغير من اساسات الاعتقادات والقناعات لديه مهما قدمت وعظمت ثم تنعكس على سلوكه وافعاله بدأت هذه المعلومات تنتشر في كل وسائل الاعلام والاتصال بعناوين مختلفة مثل .... فن التواصل مع الآخرين. الذكاء العاطفي .. العلاج بخط الزمن .. كيف تكون سعيدا .. كيف تكون مبدعا .. مهارات الزواج الناجح .. اسس التربية الصحيحة .. ادارة الوقت .... والعديد منها كل ما عليك هو ان تستثمر وقتك لصالحك فينعكس ذلك على حياتك وحياة من حولك وتتقدم ويتقدم المجتمع للأفضل ان شاء الله.
التعليقات 9
9 pings
إنتقل إلى نموذج التعليقات ↓
حسين الياسين
2015-09-22 في 3:30 م[3] رابط التعليق
موضوع جداً رائع .، احسنتم النشر .،
أحمد الناصر
2015-09-23 في 3:28 م[3] رابط التعليق
من أجمل المواضيع التحفيزية والتنموية التي قرأتها .. شكراً للكاتب ونتمنى منه المزيد من المواضيع الإثرائية
2015-09-27 في 9:20 ص[3] رابط التعليق
بورك قلمك أخي الكريم وليس بغريب عليك أن ينضح إناؤك بهذا الكم من المعلومات التحفيزية للذات ولو صنعت منها ورش عمل في اعادة تصنيع الذات لدامت ورشك ١٥ يومآ ? ما ينقص المجتمعات هي الثقافة والرقي بها وعن المجتمع الذي تحدثت عنه وأضنك ضربت أمثلة حقيقية فيه بادئ المقال فينقصة الدورات المستدامة في شتى علوم المعرفة وللجنسين وباعتقادي الخاص أن الوقع الأكبر على عاتق الأم فالأم مدرسة إن أعددتها إعدادآ طيبآ أعددت شعبآ طيبآ منتجا وما أكثر الأمهات اللاواعيات والغير مثقفات وما أكثر الآباء المنشغلين في أمور الحياة وكل هذا أيضا ليس مبررا لعدم صقل الذات بالذات الا أنها ركائز يتم التغافل عنها أحيانآ
أحسنت وبارك الله في حسك وكم نتمنى من نفوس تنشر الوعي الذاتي لأنفسها وتحيا بإجابية لكي تنشرها على المجتمع وعموم الحياة
عبدالله حسين البراهيم
2015-09-28 في 10:14 ص[3] رابط التعليق
اشكر المعلقين على المقال وتشجيعهم وبارك الله فيكم.
حقيقة كتابة هذا المقال بعد تزايد هذا النوع من الموت والمرض الذي بات يذهب ضحيته العديد من افراد المجتمع دون ان يشعر بهم احد الا بعد رحيلهم….
الناس صنفان الاول يستطيع ان يأخذ زمام امره بنفسه ويصعد بها على السلم الذي يريد بإرادته ….وهم قلة .
اما الثاني فيحتاج الى من يقوده للسلم ويرشده ويوضح له خطورة وضعه …. وما اكثرهم في المجتمع.
وهذا هو الفارق بين العالم والجاهل في الادراك والوعي بما في داخل النفس وما يحيط بها في الخارج وطريقة التفاعل بينهما.
ناصر الأحمد
2015-10-06 في 9:47 ص[3] رابط التعليق
مقال رائع بكل ما فيه , أتمنى أن يتبنى الكاتب إقامة ورش عمل لتقديم هذه المادة بشكل تفاعلي
عيسى عبدالله الدليم
2016-02-10 في 9:42 م[3] رابط التعليق
موضوع رائع واتمنى انت تكثر من هذه الأساليب في كتابة المواضيع واتمنى ان نقرا لك كتب في المستقبل القريب وبتوفيق لك ولنا . وشكراً
احمد البراهيم
2016-02-10 في 9:48 م[3] رابط التعليق
أحسنت وبارك الله فيك..
مقال جوهره دفن الفكر الروتيني والسمو إلى عالم الابداع والتميز
عبدالله حسين البراهيم
2016-02-11 في 9:28 م[3] رابط التعليق
شكرا لكم جميعا… ?
ابراهيم اغالمي
2016-04-21 في 4:45 م[3] رابط التعليق
هدا النص ياكل ولا يتائكل