من السهل أن نكتب عن العدو الذي نعرفه ونجمع عنه البيانات الكثيرة والمعلومات التي تخولنا باتخاذ العدة والعتاد في حالة هجومه علينا، وهذا لا يعد انجازاً رائعا بقدر ما يعد واجبا على كل دولة وزمان وسلطان بل واجب على كل شخص أن يحذر من عدوه الذي عرفه وعرفه قدراته وامكانياته جيدا.
إن الأمر الخطير يكمن في العدو الذي لا نعرفه ولا نعرف من أين يأتي ومتى وكيف فتجد بعض الدول الذكية تسلح مخازنها بالأسلحة المنتقاة بعناية وذات الجودة الفائقة ولا عجب أن تسلحت بالقنابل النووية أو الذرية فهي لا تعرف حجم عدوها بل لا تعرف من ستواجه في المستقبل من أعداء ومثل هذه الدول يجب أن تحترم باتخاذها سبل الدفاع عن النفس وقت الحاجة اليها.
ولو طبقت هذه الاحتياطات على المستوى الشخصي أيضا لعاشت البشرية استقرار نفسي وذاتي وطمأنينة داخلية تكفي للعيش عيشة كريمة محترمة، لا أدعو إلى حمل السلام بالطبع إنما أدعو إلى التسلح بما هو أكبر من السلاح المادي المعروف. فالإنسان يعيش يومه ويتطلع لمستقبله الغامض والذي لا يعرف عنه شيء وماذا سيجري فيه, فالعلم سلاح العارفين والمتعلمين والجهل ظلام دامس يغرق فيه الجهلة والأميين والحصول على الشهادة في هذا الزمن فتكا لكل خنادق الجهل والفقر فهي الجواز الذي بواسطته تمرر إلى حياتك سعادة الاستقرار المادي والاجتماعي والمعنوي والروحي أيضا فما الشهادة الا صفة للعلم الذي اجتازه الشخص بدرجة معينة وهذا يعني عيشة كريمة مستقرة في هذه الحياة وبهذه الشهادة وهذا العلم يكون قد صنع الفرد منا قنبلته الشخصية ضد عدوه الخاص وهو الجهل وما يترتب عليه من آثار مدمرة كبيرة ويعد الجهل واحد من مصاديق الأعداء الذين لا نعرفهم وهناك غيره فالمولى الحق تعالى يشير في محكم آياته الى عدو واضح يحوم حولنا وبالرغم من وضوحه الى انه خفي عنا حيث يقول: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ) سورة التغابن
فمن الأولاد وكذلك الأزواج عدو قد نستبعده لقربه اللصيق لنا بعاطفة القربى التي تغلفنا معه . ان استبعاد أن يكون الابن أو الزوج عدو هذا بحد ذاته خطر كبير ويجب تقبل الآية الكريمة بل الاستعداد للتحذير الذي حذرنا المولى تعالى فيها من خطر الأبن حين يكون عاقا أو الزوج حين يكون ظالماومن صور الظلم أو العقوق هو منع الاباء او الزوجات من فعل الخيرات والذي يمكن ان يمتد الى قصص يندى لها الجبين بل يرفضها القلب ويتجاوز تصديقها العقل فذاك ابن طعن والده المسن أو نحر والدته وذاك الزوج خنق زوجته حتى الموت وغيرها من القصص البشعة التي بتنا مؤخرا نسمع بها ، وبالتأكيد مثل هؤلاء لابد أن تكون لعداوتهم أسباب وظروف اجتماعية جعلتهم يشذون عن فطرة القربى والمحبة بين الأقرباء من الدرجة الأولى فلا يتصور يوما ما والد أن تكون نهاية حياته على يد ولده الذي رباه وعاش كدر الحياة من اجل سعادته أو أن يحجر عليه ويستولي على أمواله أو غيرها من أنواع العقوق المختلفة أو تلك الزوجة التي ائتمنت نفسها وروحها لرجل أحل الله تعالى أن يكون زوج لها وأبًا لأبنائها أن يكون في يوما ما عدو لصيق لها يؤذيها ويكدر عليها صفو حياتها.
وان كان ما استعرضناه يعد عدواً يحوم حولنا فما بالك بالعدو الذي يسكن ذواتنا وهو النفس الآمارة بالسوء (وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ) سورة يوسف 53 فالنفس ان لم تهذب بتعاليم الدين وقواعد الحياة الكريمة قد تشذ وتصبح أعدى أعداء الانسان وتكون كالأجندة التي تذكر الشخص في كل يوم بعمل السوء والسوء يصنف من عمل حقير صغير كالتلفظ بلفظ بذيء مثلا الى عمل كبير وخطير يهدم كيان نفس أو يهتك حضارات أمم.
.
التعليقات 3
3 pings
غير معروف
2015-09-18 في 9:13 م[3] رابط التعليق
نعم صدقتي
الجهل هو اكبر عدو للانسان وبالعلم يرتقي للافضل وهذا هو الفارق بين انسان وآخر.
غير معروف
2015-09-19 في 12:33 ص[3] رابط التعليق
اعتقد ان تفسير اية العدو ليس بالضبط كما ذكر من غدر او قتل الاقرباء لعبعضهم ولكن معناها ان بعض المؤمنين يجد اقاربه يمنعونه عن عمل الخير ونصرة الحق والاسلام فاحذروهم وهذا ايضا سبب نزول الاية عندما بعض الاهالي عارضوا المؤمنين عن الهجرة للايمان وللمدينة بحجة انهم ازواجهم واولادهم فكيف يتركوهم….
2015-09-27 في 8:52 ص[3] رابط التعليق
نعم أحسنت أخي على اضافة التفسير الحقيقي للآية المباركة ولا تعارض فيما قلت وفيما فسرت به فمنع الخير لأي طرف كان يجر الى المعصية والمعصية أنواع وجرائم لا تعد …بارك الله في تواجدك في مقالي .