من المدهش حقاً أن يسقط بعضنا بعضًا من خلاف فكري أو ثقافي أوديني هنا وهناك , وننسى أننا نملك شخصية فريدة ومميزة ومبدعة استطاعت إرساء قيم الوحدة والتعايش والحب مع الآخر في الدين والمذهب, لقد تعلم المسلمون من هذا الرجل معنى التسامح مع الآخر دون إقصاء ولا تميز. تتلمذ على يده أكثر من 4 أربعة الآلاف طالب من مختلف الشرائح الفكرية والثقافية والدينية , وهذا يعني قبوله لدى الطرف الآخر مع اختلاف المنظومة الثقافة, وكيف لا وهو واحد من أحفاد سيد المرسلين وإمام المتقين وأفضل خلق الله أجمعين النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم .
لم يكن الإمام الصادق عليه السلام عالماً فحسب بل كان جامعة في مختلف التخصصات, في الطب والكيمياء والفيزياء والرياضيات والفلك والأدب والتفسير, ولم يكن متقوقعاً في الفقه والأصول بل منفتحاَ,على كافة العلوم.
اليوم ما أحوجنا إلى تلك الشخصية التي سمعت وأصغت للمخالف في الدين والمذهب بكل أريحية, بدون تفسيق ولا تكفير ولا تسقيط ولاذبح.
فقد ناظر الإمام الصادق عليه السلام الملحدين والزنادقة والمختلفين معه في التصورات الفقهية والعقدية كالمعتزلة والأشاعرة, كما حاورا مالك ابن أنس وسفيان الثوري ورئيس المذهب الحنفي أبي حنيفة النعمان في مسألة القياس , ويعترف هو في أكثر من موضوع باعترافه بأعلمية الإمام بقوله المشهور لولا السنتان لهلك النعمان , ويقصد التتلمذ على يد الإمام.
الأن صدرونا تضيق وترفض مع من يختلف معها في الفقه فضلاً في العقيدة, ويبدأ الخلاف من محيطك فيكبر إلى مذهبك, وبدل أن تحل لغة الحوار والنقاش المفيد تحل لغة السب واللعن والتخوين والخروج من دائرة المذهب إلى دائرة الكفر والإلحاد..
حرية الفكر في مدرسة الإمام الصادق ساهمت في إثراء المعرفة الدينية وكرست مفهوم اختلاف الرأي لا يفسد في الود قضية ,بالرغم أنه كان على يقين أن رأيه هو السديد والأصح والأفضل , ولكن كان يطرح رأيه كبقية الآراء ويضع بضاعته أمام طلبة العلوم وهم بطبيعة الحال يرون متانة رده وقوة حجته دون ذمه لرأي الآخر إنما بأسلوب علمي متزن ورصين.
ما يميز مدرسة الإمام أنها لا تطرح فكراً متشنجاً أبداً, كما هو الحال الأن في مدارسنا والفكرية والثقافية والدينية. بوسعك في مدرسة الإمام أن تطرح كل رأي وكل نظرية بدون أن يقبع رأيك أو يسخف.
ومن الشواهد المهمة في تأكيد كلامنا السابق حول الانفتاح على الآخر . ما ذكره هشام الكندي قال: سمعتُ أبا عبد الله يقول: (إياكم أن تعملوا عملاً يعيّرونا به، فإنَّ ولدَ السوء يُعيِّر والِدَهُ بعمله؛ كونوا لمَن انقطعتم إليه زيناً، ولا تكونوا عليه شيناً؛ صلُّوا في عشائرهم، وعودوا مرضاهم، واشهدوا جنائزهم، ولا يسبقونكم إلى شيء من الخير فأنتم أولى به منهم)
كما يؤكد في موضع آخر على الحرص على تكوين العلاقات مع الآخرين المختلفين معك على الصعيد الاجتماعي (أكثروا من الأصدقاء في الدنيا، فإنهم ينفعون في الدنيا والآخرة أما في الدنيا فحوائج يقومون بها، وأما الآخرة فإن أهل جهنم قالوا: (فما لنا من شافعين، ولا صديق حميم)
التعليقات 2
2 pings
غير معروف
2015-08-16 في 10:31 م[3] رابط التعليق
مقال جميل نتمنى ان يقتدى فبه علمائنا الافاضل
علي حسين
2015-08-16 في 10:33 م[3] رابط التعليق
مقال جميل نتمنى من علمائنا الأفاضل العمل به