قد تصاب بالذهول اليوم، حينما حضورك أحد المناسبات الاجتماعية، سواء كانت زواجا أو ولادة أو حتى مجالس تعزية، فتوزيعات هذه المناسبات باتت شي خياليا وفي تزايد مستمر، وتتفنن السيدات التي تجد في هذه المناسبات فرصة للتباهي أو لإظهار النعمة كما تعبر صاحبة المناسبة.
«جهينة الإخبارية» فتحت هذا الملف لمناقشته عن قرب والوقوف على مسبباته وتأثيره اجتماعيا، ودينيا فكان هذا التحقيق.
يقول أحد الآباء، كنت أنتظر الفرحة الأولى لأكون أبا بعد سنوات من الانتظار، ولكن الفرحة ضاعت حينما رأيت زوجتي تطلب مصروفات مبالغ فيها، وأعترف إني في البدء راعيت مشاعرها وانتظارها لسنوات، وبعد تزايد الطلبات أخبرتها بعدم مقدرتي على دفع المزيد واعتقدت أنها ستراعي هذا.
ويكمل الزوج: أن زوجته، كانت تلجأ للبكاء وأن عدم شرائي لما تريد يجعلها في موقف محرج من زميلاتها وأني أجعلها تبدو أقل منهن، وباءت كل محاولاتي بالفشل في إقناعها بالرضا والاعتدال، ويضيف: إصرارها جعلها تستدين من والدتها دون علمي وبيعها لبعض من قطع ذهبها لاستكمال بقية التوزيعات التي كانت مبالغة جدا، والتي كلفت حوالي 15 ألف ريال.
رضا بمصاريف زواج ابنتي
تقول أحد الأمهات التي كانت تحتفل بزواج ابنتها الأولى، كانت توزيعات الزواج في السابق «بسيطة» لكنها اليوم صارت مكلفة جدا، ولم أحب أن يكون مباركة ابنتي أقل من أقاربها وصديقاتها، مما دفعني لمسايرة المجتمع وعاداته الحالية.
وتضيف: عملت بوفيه متنوع يوميا لمدة أسبوعين الأمر الذي كلفني حوالي 21 ألف ريال، علاوة على التوزيعات الأخرى مابين المكسرات والعصائر والحلويات والعلب التي توزع فيها، والتي بلغت 10 الآلاف ريال.
وتابعت: أن ما فعلته أشعرها بالرضا والراحة، لعدم تقصيرها في زواج ابنتها منوهة إلى أن زوجها كان يصر عليها بفعل المزيد وعمل كل ما تتمناه أي بنت، مرددا عبارته التي يؤمن بها «البنت تتزوج مرة واحدة في العمر».
بدورها، توضح الأخصائية الاجتماعية أنعام ال عاشور أن المبالغة في التوزيعات مظهر من مظاهر الترف إذا كانت زائدة عن الحد المعقول، مبينة أن التوزيعات بحد ذاتها ضيافة ولكن المبالغة بها بشكل يفوق الضيافة المعقولة أمر غير محبذ.
وأشارت إلى أن هذه التوزيعات تستلزم صرف مبالغ هائلة على أمور جمالية لا يستفاد منها وترمى في القمامة، منتقدة تنافس بعض السيدات في مناسبات الأعراس والمواليد في إظهار مناسبتها بأفضل صورة من خلال التوزيعات.
وقالت: لوحظ حتى المناسبات الدينية تزايد في التوزيعات واختلافها عن السابق وأصبحت المجالس وبالذات النسائية تتنافس لكسب عدد اكبر من الحضور من خلال تنويع التوزيعات وكثرتها وهذا له اثر سلبي.
ودعت ال عاشور إلى النظر بعقلانية تجاه المال، منوهة إلى ضرورة الوعي ا لدى لأفراد وبالذات النساء عن أضرار هذه الظاهرة، مطالبة الجهات التثقيفية في المجتمع من رجال دين أو مختصين بتوعية الناس بأضرار الظاهرة واعتبارها ظاهرة سلبية بدل اعتبارها ظاهرة ايجابية.
من جهته، يذكر الشيخ فوزي ال سيف أن العادة جرت على قيام صاحب المناسبة في المجتمع بتوزيع أشياء في المناسبة «عصيرات، حلويات، بساكيت.. الخ»، مشيرا إلى إن السخاء في التوزيع بالنسبة لمن كان وضعه المادي قويا، مطلوب فهو من مصاديق التحديث بنعمة الله إلا أنه ليس مفروضا بل ولا مستحبا فيمن يكون وضعه المادي ضعيفا بحيث يقوم البعض بالاقتراض لأجل ذلك.
وينوه إن السخاء في ذلك لا يعني الكثرة، وإنما حسن الاختيار، وبما يتوافق مع الجهات الصحية الضرورية للناس، فإن اختيار بعض العصائر رخيصة الثمن، إما لكونها ماء وسكرا، أو لسوء تخزينها أو قرب نهاية تاريخها، قد يدخل في خانة الإضرار بمن يستلم هذه الأشياء ويؤدي عكس المطلوب من الإكرام، داعيا إلى ضرورة الاختيار الذي يراعي الجوانب الصحية، والكيفية العالية.
«فكرة التحكم بالتوزيعات»
واقترح الشيخ ال سيف أن يتم التحكم في التوزيع، بمعنى أنه لو يتفق أهل كل منطقة، لا سيما في المناسبات العامة المشتركة كالمواليد وغيرها، بتقسيم ولو عفوي للأدوار، فقسم يتولى توزيع فاكهة مثلا، وآخر العصائر، وثالث.. كذا، داعيا إلى استهداف أهل الحاجة أكثر من غيرهم، ممن هم مستغنون عنها فهو أفضل.
ويختتم الشيخ حديثه بقوله «مثل هذه العادات الحسنة ينبغي أن تبقى كما أريد لها نافعة للمجتمع، دون أن تتحول بسبب سوء الاختيار أو الحرص على الكم دون الكيف، إلى مضرة».
جهينة الإخبارية - نداء ال سيف - القطيف