العقبة الأولى من عقبات الموت هي الاحتضار. وهي لحظة خروج الروح من الجسد، والتي وصفها القرآن الكريم بـ"سكرات الموت"، قال تعالى:
> (وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد)
الآية تخاطب الإنسان الذي يحاول الفرار من حقيقة الموت، لتؤكّد له أن الموت حق لا مفرّ منه، وأن سكراته لحظة لا تشبهها لحظة في الحياة.
في لحظة الاحتضار، تنكشف الحجب المادية عن حواس الإنسان، فيعاين عالم الآخرة، ويرى ما لم يكن يراه في حياته الدنيوية، كما قال تعالى:
(لقد كنت في غفلة من هذا فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد)
ومن الكرامات التي يُروى أنها تُمنح للمؤمنين الصالحين عند ساعة الاحتضار، أن تُشرق أرواحهم برؤية الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته المعصومين (عليهم السلام)، في هيئة نورانية رحيمة، يبشّرونهم بالرحمة والرضوان، ويؤنسونهم في لحظة مفارقة الدنيا.
ومن هؤلاء المؤمنين الصالحين الذين يرجى لهم هذا المقام العظيم، سماحة الشيخ محمد عيسى البناي (رحمه الله)، بما عُرف عنه من تقوى وورع، وعبادة وخدمة لدينه ومجتمعه، فنسأل الله أن يكون ممن حظوا بلقاء الطاهرين في آخر لحظاته، رحمةً ورضوانًا لا يُعدّ ولا يُحصى.
أما الكافر أو المنافق – والعياذ بالله – فقد يُعاين تلك الوجوه النورانية في هيئة مخيفة وغضب، على خلاف ما يحظى به المؤمن من رحمة وطمأنينة. ولذلك، فإن المؤمن إذا حضرته الوفاة، لا يخاف ولا يحزن، كما جاء في قوله تعالى:
(إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون)
فهؤلاء هم الذين سلكوا طريق الاستقامة، وحافظوا على الصلاة في وقتها، وصاموا، وأدّوا الحقوق، وجاهدوا بأنفسهم وأموالهم، وسعوا في خدمة الناس، والشيخ البناي – نحسبه من هؤلاء – أحدهم، ممن بذل عمره في العلم والدعوة والإصلاح.
خاتمة ودعاء
نسأل الله تعالى أن يتغمّد فقيدنا العزيز سماحة الشيخ محمد عيسى البناي بواسع رحمته، وأن يسكّنه فسيح جناته، ويجعل قبره روضةً من رياض الجنة، وأن يُلهم أهله وذويه ومحبيه الصبر والسلوان.
وأن يجعل خاتمتنا جميعًا ختام صدق، في رضاه، وبرفقة محمد وآله الطاهرين.
والله ولي التوفيق: