في زمن تكثر فيه المغريات، وتتداخل فيه المفاهيم، ويُعاد تشكيل القيم على أعين العالم، يقف الشاب المسلم أمام مفترق طرق حاسم:
*هل ينجو بدينه؟ أم ينصهر في دوّامة التيه؟*
ليست القضية في كون الزمان تغير، بل في عمق التحديات التي باتت تطرق باب العقل والروح والهوية. إنها فتنة تُشبه ما وصفه الإمام علي عليه السلام:
> *"تبدو في أطرافها الكفر، وفي أحشائها الإيمان، ظاهرها رحمة، وباطنها عذاب، فتنٌ كقطع الليل المظلم، لا يُنجّي منها إلا نائمٌ أو قائم."*
> *(نهج البلاغة)*
*قصة خيار صعب... لكنه صائب*
في أحد البلدان الإسلامية، انسحب شاب مؤمن من جامعته. وحين سُئل عن السبب، قال:
*"لم أعد أستطيع الحفاظ على ديني هناك. شعرت أن كل شيء من حولي يدفعني بعيدًا عن القيم التي أؤمن بها. فاخترت أن أغادر قبل أن أفقد ما هو أغلى من أي شهادة: إيماني."*
قد يبدو خياره صعبًا، وربما مكلفًا على المدى القريب. لكن على المدى البعيد؟ لقد أنقذ قلبه، ونجا بروحه.
> *﴿ قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ﴾*
> *(الزمر: 15)*
*الشاب بين كماشة الفتنة وقوة الإيمان*
الشيطان لا يكلّ. يجمّل الحرام، ويُشوّه الحق. يبدأ بخطوة صغيرة، ويوهمك أن الطريق آمن، حتى يُسقطك. ثم يتنصّل منك، تمامًا كما صوّر القرآن الكريم:
> *﴿ كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكَ ﴾*
> *(الحشر: 16)*
والشاب هو الأكثر استهدافًا. لأنه يحمل القوة، والحلم، والطاقة، والتأثير. لذا كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يُعظّم الشاب المؤمن، ويقول:
> *"ما من شاب تزوّد بعلمٍ في صغره، إلا قدّمه الله على من كبر في السن وتعلم."*
وقال الإمام الصادق (عليه السلام):
> *"العامل منكم في زمان الفتنة هذا، كالمتمسك بسيفه يقاتل بين يدي رسول الله."*
> *(الكافي، ج2)*
*مفاتيح النجاة في زمن التيه*
🔹 *بناء الوعي الديني العميق*
ليس الإيمان بالتقليد، بل بالمعرفة. فالمعرفة تخلق الحصانة.
🔹 *بيئة إيمانية تُعزز الصمود*
الرفقة الصالحة، والمجالس الهادفة، والمساجد، والقراءة، والذكر... كلها منابع للثبات.
🔹 *محاسبة النفس بصدق*
قال الإمام الكاظم (عليه السلام):
> *"ليس منا من لم يُحاسب نفسه في كل يوم، فإن عمل خيرًا استزاد، وإن عمل شرًا استغفر وتاب."*
🔹 *استحضار القدوة النورانية*
تمسكك بخط أهل البيت، هو تمسك بالحبل المتين الذي لا ينقطع.
*خاتمة: أنت المشروع، وأنت الأمل*
أيها الشاب...
لا تظن أن نجاتك تُهمك وحدك. بل إنك *مشروع أمة*. بك تنهض أو تسقط.
وأنت حين تُبقي قلبك حيًا بالإيمان وسط ضجيج الانهيار، فأنت المنتصر.
*"إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى"*
> *(الكهف: 13)*
فكُن مثل أصحاب الكهف، ثابتًا، حرًا، نقيًّا.
ولا تظن أن الله يتركك وحدك. إنه معك، ومع كل من اختار أن يصمد.