تُعد مرحلة المراهقة من أدق وأصعب المراحل التي يمر بها الإنسان، حيث يقف المراهق على مفترق طرق بين عالم الطفولة وبراءته، وبدايات النضج وتحمل المسؤولية. إنها فترة انتقالية حساسة، تتشكل فيها الشخصية وتُبنى الملامح النفسية والعاطفية والاجتماعية للفرد، ولكنها أيضًا مليئة بالعثرات والتحديات.
فالمراهق يعيش في دوامة من التغيرات الجسدية والنفسية والعقلية، مما يجعله تارة متحمسًا ومندفعًا، وتارة أخرى مترددًا ومرتبكًا. قد يشعر أنه مستهدف من كل جانب، تتجاذبه المؤثرات المختلفة من الأسرة، والمدرسة، والأصدقاء، ووسائل الإعلام، فيجد نفسه أحيانًا غير قادر على اتخاذ القرار الصحيح أو التمييز بين الصواب والخطأ.
كلما حاول المضي قدمًا في طريقه، تعترضه علامات مبهمة تشوش عليه الرؤية، وتربكه في الاختيار. فهو لم يعد طفلًا تُعفى قراراته من التقييم، ولم يُصبح بعد ناضجًا تُؤخذ قراراته بثقة كاملة. وهذا الصراع الداخلي كثيرًا ما يؤدي إلى التوتر، وسوء الفهم مع الأهل أو المعلمين أو حتى الأصدقاء.
إن من أبرز عثرات هذه المرحلة:
- *الاندفاع العاطفي* دون تقدير للعواقب.
- *التأثر الكبير بالأصدقاء* والرغبة في الانتماء حتى لو كان الثمن التخلي عن المبادئ.
- *التمرد أحيانًا* على سلطة الأسرة أو التعليم، بحثًا عن هوية مستقلة.
*التقلبات المزاجية* التي قد تُفسر خطأ على أنها سوء خلق.
لكن رغم هذه التحديات، فإن المراهقة ليست مرحلة سلبية، بل هي فرصة ذهبية لصقل الذات واكتشاف القدرات. وتكمن الأهمية الكبرى في أن تُدار هذه المرحلة بتفهّم من الأهل والمربين، واحتواء من المجتمع، وتوجيه نابع من محبة حقيقية، لا من تسلط أو ضغط.
*الخاتمة*
المراهق بحاجة إلى من يسمعه، لا من يحاكمه، إلى من يُرشد برفق، لا من يُملي عليه قراراته. فالعثرات التي يمر بها ليست علامات ضعف، بل هي جزء طبيعي من طريق النمو. ومن يجد من يحتضن عثراته بحكمة، سيصل إلى النضج بثقة وسلام.