ورد في الخبر : مَرَّ الإمام الحسن (عليه السلام) على جماعة من الفقراء، قد وضعوا على وجه الأرض كسيرات من الخبز كانوا قد التقطوها من الطريق، وهم يأكلون منها، فدعوه لمشاركتهم في أكلها، فأجاب (عليه السلام) دعوتهم قائلاً: إنَّ اللهَ لا يُحِبُّ المتكبِّرين.
ولمَّا فرغ (عليه السلام) من مشاركتهم دعاهم إلى ضيافته، فأغدق عليهم من المال وأطعمهم وكساهم )( بحار الأنوار ج ٤٣ ص ٣٥٢ ) .
هذا من المواقف الإنسانية الرائعة التي يُحتذى بها في التعامل مع أصحاب الحاجات المادية و المعنوية ، فأصحاب القلوب البيضاء منعتقون من أغلال الأنانية و بوتقة المنافع الشخصية ، و ينطلقون في اهتماماتهم و التخصيص من أوقاتهم و جهودهم للتخفيف عن الآخرين همومهم و عوزهم ، انطلاق من تربية النفس و تهذيبها على التواضع و البساطة في التعامل و التخاطب بعيدا عن التكلف و التكبر ، يتفانون في تقديم المساعدة للغير دون كلل أو ملل ، يرون سعادتهم و نجاحهم و إنجازهم من سعادة الآخرين و انتشالهم من أرض الحاجة و الضعف ، و ليس هناك نبل إنساني أعظم من تقدير مشاعر الفقراء و تجنب جرحها بالكلمة أو الإساءة أو التجاهل ، كما كان الموقف العظيم للإمام المجتبى (ع) حينما قبل دعوة الفقراء لضيافتهم على كسيرات خبز على قارعة الطريق ، و بعد ذلك دعاهم لمشاركته في الطعام في بيته بعد أن لبّى رغبتهم ، لقد أدخل عليهم الإمام (ع) السرور بكل كلمة سمعوها منه و مشاعر غبطة أحسوها من هذا الكريم المضياف ، فقدم (ع) هذه الصورة و المشهدية الرائعة في العلاقات الإنسانية و مبدأ التكافل و التكاتف مع الآخرين في حاجاتهم ، فهذا الموقف يحمل الدروس و العبر لمن يسلكون طريق التكامل و الرقي التربوي و الأخلاقي ، فالمعاملة الحسنة و الكلمة الطيبة و التواضع مع جميع طبقات المجتمع على اختلافها ، مما يعزز فكرة و مبدأ المساندة و التعاون مع أفراد المجتمع ، فهذه الأخلاق السامية تقوي العلاقات المجتمعية و تجنبه الأحقاد و الكراهيات ، فالطبقة المحرومة إن شعرت بالإهمال و تجاهل همومها و مآسيها سيولّد عندهم الضغائن .
لم يكن هؤلاء الفقراء و هم يأكلون كسيرات الخبز على قارعة الطريق يتوقعون من شخصية لها وجاهتها و المكانة الاجتماعية العالية ، أن يشاركهم طعامهم البسيط و يجبر خاطرهم بالجلوس معهم ، و لكن الإمام (ع) فاجأهم بموقف إنساني نبيل قد تخلّى فيه عن المهم و هو الأكل على قارعة الطريق بما لا يليق ، إلا المحافظة على الأهم و هو مراعاة أحاسيس الفقراء و تجنب كل ما يدخل عليهم انكسار النفس .
لقد أعطى الإمام درسا مهما في التواضع و البساطة مع الطبقة المحرومة اقتصاديا من خلال مشاركتهم في حياتهم و طعامهم ، فعندما قال (ع) : إنَّ اللهَ لا يُحِبُّ المتكبِّرين ) ، فهو يذكّرنا و ينبهنا من آفة أخلاقية خطيرة و هي التكبّر على الآخرين ، فيكون مانعا من الاختلاط بالفقراء أو التواجد في مناسباتهم الاجتماعية و حضور موائدهم البسيطة ، ظنا منه أن مكانته الاجتماعية و كونه من الطبقة العالية يعطيه درجة امتياز و تفوق على الغير ، و أما من عرف نفسه و نسب ما عنده من نعم للخالق العظيم ، و أن المال ما هو إلا وسيلة لتحقيق الحياة الكريمة و مساعدة المحتاجين ، فسيكون خلقه التواضع و لا يستنكف من مشاركة الفقراء حتى في طعام بسيط ككسيرات الخبز ، فقيمته الحقيقية ليست فيما يمتلكه من وجاهة أو مال ، بل هي بحيز العطاء و الإنفاق الذي يرسم الابتسامة على وجه الفقير و يخفف عنه ألم الحاجة ، فمشاركة الإمام المجتبى (ع) تعبّر عن روح الرحمة و الشفقة في القلوب ، و قد كان لها التأثير الكبير الذي انعكس على نفوس الفقراء و جبر خواطرهم و دفع الإحساس بالنقص و الدونية ، إنه احترام حق الإنسانية النبيل و إعلاء قيمته و دعوة للحفاظ عليه بغض النظر عن التفاصيل الطبقية و العنصرية و غيرها .
و ما أعظم كرم و إحسان الإمام المجتبى (ع) حيث لم يكتف ببلسمة مشاعر الفقراء و مشاركتهم في وجبة طعام لا تُذكر ، بل كان المضياف الذي دعاهم إلى بيته ، فأكرمهم و أغدق عليهم من طعامه و ماله ، فقد رآها (ع) فرصة سانحة لرفع الحرمان عن هؤلاء الطبقة الضعيفة ، و إرشاد الآخرين للتأسي بهذا التعامل و الخلق الرفيع .
لأنك مصدرنا الأول .. شاركنا أخبارك موثقة بالصور .. قضية .. مقال .. وذلك بالإرسال على رقم خدمة الواتساب 0594002003
- 2025-04-25 “الأرصاد”: توقعات بأمطار على 8 مناطق
- 2025-04-25 وقاء ترصد انتشار حشرات في مواقع متفرقة بالسعودية: خنافس لا ضرر منها
- 2025-04-24 ظهور هالة شمسية جوية عملاقة في سماء الجنوب السعودي
- 2025-04-24 ”إنستقرام“ تطلق تطبيق ”Edits“ المستقل لتحرير الفيديو
- 2025-04-24 “الكنة” تبدأ الثلاثاء المقبل وتعلن بداية التحوّل نحو حرارة الصيف الشديدة
- 2025-04-24 الملك سلمان يوافق على منح ميدالية الاستحقاق لـ 102 مواطن ومقيم لتبرعهم بالدم 50 مرة
- 2025-04-24 مركز إكرام الموتى بالمنيزلة يطلق مبادرة تطوعية لتنظيف مرافقه
- 2025-04-24 الحاج «علي جواد الأحمد» في ذمة الله
- 2025-04-23 عطل في تطبيق سناب شات
- 2025-04-20 الدكتور «عبدالإله الأحمد» يقدم فعالية “نهاية البداية” بنادي بصيرة
السيد فاضل علوي آل درويش
قيم اجتماعية و أخلاقية عند الإمام المجتبى (ع)
وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://www.aldeereh.com/articles/107659.html