الوجوة الجميلة كثيرة جدا و لكن العقول الناضجة قليلة . كم شخص رأيته في ديوانية او مجلس او قروب رقمي لديه تصرفات و سلوكيات محمودة و حميدة و اضافات اخلاقية و معرفية و تربوبة رائعة . من المحتمل انك لم تقوم باعطاء اهتمام بذلك الامر لا سيما اذا كنت محاط في عالمك الواقعي و الافتراضي باناس محمودين الكلم و التصرفات و الاخلاق و السلوك الجميل ؛ و العكس صحيح . و هذا ما يصدق عليه تعبير " نقوة النقوة … نخبة النخبة … صفوة الصفوة " كما ورد على لسان خطابة مسلسل رمضان سريف حلقة شاورما ٤٣ .
الان ، دعني اعيد صياغة السؤال بشكل معاكس : كم شخص رأيته في ديوانية او مجلس أو قروب رقمي لديه تعليقات و مداخلات غير محمودة و مستفزة و تشنجية و تراشقية . حتما انك تعرف اولئك الاشخاص و احصيت اعدادهم و دونت في ذهنك اسماءهم و تعمل على تجنبهم او الفرار منهم أو تتحاشاهم . لان بعضا منهم فجأة و من دون سابق انذار لاحظته تكلم بصوت مرتفع و لغة هجومية و نقد حاد او تهكم على الاخربن او اسقط عدالة آخر أو تلاسن مع البعض أو اثار نعرة طائفية أو لمز و غمز فعكر صفو اللقاء و افسد الحوار و افسد اللقاء ؟!
هذه المواقف او ما يشابهها سواء في العالم الواقعي أو الافتراضي ازاحت الستار لك عن مكنون و محتوى و مضمون قلوب اولئك الاشخاص قبل التورط في تعميق او توطيد العلاقة بهم . و شخصيا ممتن لجنبة من جنبات التواصل الاجتماعي لانها افادتني في تصنيف و رسم حدود العلاقة مع معظم افراد المحيط الاجتماعي و وضعت الاغلبية في مقامهم المناسب .
اطرح بين الفينة و الفينة على نفسي و من يهمني شأنه ، حزمة اسئلة لاعادة صياغة المشهد بالمحيط و تحصين النفس من آثار صدامات الواقع بكل الوانه التفاؤلية و التشاؤومية. ومن ضمن تلكم الاسئلة:
س: كم انسان قابلته واقعيا او كنت معه في قروب و كل همه ان يفسد اي طرح او مقترح او مشاركة بناءه جادة أو مبادرة خير و يحاول ان يلف عنق الحوار لتشتيت الانتباه و تبديد الفكرة الاساسية ؟
س: كم محاورة تلفزيونية فضائية شاهدتها و رأيت فنون التشتيت التي قد يجيدها بعض المحاوربن او المذيعين لتفتيت خصومهم و ضيوفهم تحت عنوان الرأي و الرأي الاخر ؟!
س: كم شخص كنت تتوقع انه شخص متعاون و لكن عند التدقيق و رصد مواقفه و تفاعلاته الحقيقيك ترى انه يدعي التعاون و لكنة مشبع بالخذلان لكل عمل او مقترح او استفتاء بناء تطرحه ؟!
س: كم انسان رايته يتوثب لنقد و صد و تمييع و طمس و مناكفة و الضحك على اي مقترح يقدمه الاخرون و بعد انطماس معالم اطروحه او مشروع الاخرون لا ترى من ذاك الشخص اي مبادرة هادفة او بناءه و كأن همه فقط و فقط التوثب على الاخرين و افكارهم و مقترحاتهم و مشاريعهم الجماعية؟
س: كم شخص رأيته صامتا في كل تواجده و غير متعاون و غير مهتم بالاخرين و فجأة يطلب من الاخرين عدة طلبات و عند عدم تفاعل الاخرين لطلبه يكيل لهم التهم بعدم الاهتمام بما يريده منهم و يفرض عليهم المشاركة في اهتماماته من دون بناء رصيد عاطفي و اخلاقي سابق ؟!
لقد حللت لغة الجسد و الاتصال البصري و الالفاظ المقترنة بتصرفات بعض اولئك في العالم الواقعي محاولا ايجاد تفسير مقنع لتلكم التصرفات . و يبدو لي ان البعض منهم عدواني السلوك و البعض الاخر خبيث النية و الافكار و البعض منهم نرجسي و البعض ضحية من ضحايا العنف الاسري و البعض تراكمات مفاهيم خاطئة و البعض ترجمان لحلقات طفولة مشردة و البعض انفصال عقلي .
لاحظت في بعض المجالس ان البعض السيء من الناس كان متوثب للتصادم اللفظي و السباب و الشتم و طرد بعض الحضور من المجلس او قروب افتراضي بسبب تلكم السلوكيات . و لاحظت ايضا ان البعض يُكمن للاخرين و لو بعد حين بقصد تسقيط شخصياتهم و هدم مبادراتهم و طمس معالم فضائلهم و الكيد لهم .
اخذت اتصفح في النت عن اسباب تواجد اي مخزون من كره ذوات البعض من البشر لذواتهم أو حب تنفير الاخرين من انفسهم أو استفزازهم الدائم للاخرين أو حبهم في تعكير صفو الاجواء السعيدة أو انعدام المداخلات البناءة عندهم ، أو حب لفت الناس الدائم لانفسهم ، فوجدت هذه التغريدة و تفرعاتها من التغريدات فيها بعض التفاسير الشافية :
فقد وزد على لسان الدكتور غابور ماتيه Gabor Mate أن صدمات الطفولة هي الجذر الخفي لجملة من الأمراض ، والإدمان ، والمعاناة و الاكتئبات و الصدمات الغير معالجة ( مثل الاهمال العاطفي ، النقد المستمر ، اهمال اسري … الخ) ، كدمات الصدمات و الخدر العاطفي و فقدان تشخيص مايريده ،
هناك فرد او افراد تنمو طحالب أستحقاق مزيف يستشعره و )
عنده وهم انه يستحق الاهتمام المضاعف والفخامه وكثره الناس حوله وعلاقات متعدده ليثبت انه محبوب مرغوب والكل يجري خلفه ويتمنى رضاه لانه تقمص روح فرعون " انا ربكم الأعلى ". و في الواقع هو طفل احمق ، لان الذين يجرون خلفه سفهاء منعدمي الكرامة و حفنة صعاليك يشحتون ذات الاهتمام . يمكن لمن يقرأ تلكم التغريدة يلخص حسب فهمه ما يستنطقه.
اذا ما الحلول المقترحة ؟! بالمجمل نورد الحلول التالية :
١- تعزيز الثقة بالنفس
٢-الاعتماد على انجاز اغلب الاشياء بالنفس
٣-تاصيل ثقافة تجانس تكوين اعضاء المجموعة / الاندية / الديوانيات
٤-{لكل منا مقام هو من يصنعه بنفسه ، (وَمَا مِنَّا إلاَّ لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ} الاية ؛ أكثر ما يميز العلاقات بين الناس ويجعلها تزداد سمواً ورُقياّ هو المقام اي المكانة الرفيعة التي يستحصلها بفضل جهوده و كرمه و دفاعه و بذله و علمه و اخلاقه . البـشر اخلاقيا و سلوكيا ليسوا سواسـية . البشر حتى عند خالقهم مقامـات، لذلك الحكماء يفطنون و يسعون نحو و ملتفتين الى جملة وردت في القرآن الكريم { وَمَقَامٍ كَرِيمٍ} .
٥- تفويت الفرصة على الصعاليك بعدم التفاعل معهم و عدم افتراش السجادة الحمراء لهم
٦- التحصين بالوعي . و نشر الوعي بين افراد المجتمع عن انماط و سلوكيات الشخصيات الجيدة ليزدادو التصاقا بها و محاكاتها و عن انماط و سلوك الشخصيات الرديئة ليزدادو نفورا منها و اجتنابها
اجتماعيا يقال : الذي هو اكبر منك بيوم اعلم منك بسنة ؛ و في عالم الوعي يقال : الذي هو أعقل منك هو اكبر منك . فلنكن جلساء لاهل الحكمة و الوعي فانهم حبل نجاة من كيد الفجار .