يبدو ان استغراق الكثير من الشباب و الفتيات لاوقات طويلة في العالم الافتراضي و التعلق به جعلهم منفصلين عن معرفة حقيقة الامر الواقع للسلوكيات البشرية المتنوعة . فاعتاد ابناء الجيل الصاعد و القادم على تصديق ما يرونه و يسمعونه في مواقع الانترنت و التطبيقات المختلفة بفضل ذكاء سرديات الذكاء الصناعي او الدهاء البشري . و اضحى لدى قطاع كبير منهم قتاعة تامة بان العالم الرقمي يمضي بمثالية في السلوك حد الاطمئنان و التسليم للمواقع و افشاء معلومات شخصية مختلفة كما لو ان حالهم و هم يطلبون بعض الخدمات بضغطة زر على سطح شاشة الجوال في تطبيق ما لطلب وجبة طعام أو استدعاء سيارة اوبر أو حجز تذكرة قطار و طيارة و فندق .
و يكون اولئك البشر المنغمسون بالعالم الافتراضي فريسة سهلة للهاكر و المخادعون و المخادعات و الغاون و الغاويات و الكذابون و الدجالون . و كنت اتساءل هل يجب ان اسلط الضوء على الهاكر او الضحايا . فرأيت ان الافضل تسليط الضوء على ضحايا الهاكر و الدفع بجرعات حصانة لهم . هشاشة ابناء الجيل الصاعد تحتاج لجرعات تربوية مضاعفة لتحصينهم من الخرفنة و الغفلة و التشتت و الابتزاز و مصائد الشياطين و النصب و الخداع .
في عالم الواقع كما يوجد انسان مسالم محترم و نزيه يوجد كذلك انسان حقير و غير شريف و قليل تربية و راش و نذل و حقود و حاسد و غير سوي . واحدة من أسوأ الجمل التي سمعتها في التلفاز : القانون لايحمي المغفلين
the law doesn't protect the dupes
، فالخونة و الملاعين و المنافقين يتقنون الخداع و الطعن و السلب و النهب و النشل للمال و الاعمار و التضليل بالافكار و اللعب بالقناعات .
و عليه و من جنبة اداء الواجب الاخلاقي والاجتماعي اقول المجتمع يحمي المغفلين ان هم لم يفرطوا بحقوقهم و سعوا لحماية انفسهم من الابتزاز و المخادع ؛ و ننبه شباب الجيل الصاعد ، ان ارض الواقع هناك صدمات و تحديات و ضغوطات يجب اخذ الحيطة لكيلا يكون اي منهم ضحية بسبب سذاجة أو طيب نية أو غفلة أو اغواء أو خرفنة او شرود .
المغفل :
قد يكون الانسان السوي ضحية لجفاف عاطفي في محيطة الاجتماعي أو اسير حب تحقيق للجاه و المنصب و الثروة و البروز بشكل سريع فيجري خلف كل من يعده باحلام وردية أو شبه وردية . و قد يكون المغفل سفيها في التصرفات المالية أو ساذجا في حدود تفكيره النقدي أو كثير التوهم و منعدم الوعي بما يجري من حوله .
صفات المغفلين:
المغفل بشكل عام يغلب عليه انه يصدق كل ما يسمعه دون تمحيص أو تدقيق ، و لا يتعمق في فهم الأمور ولا يدرك ما وراء الظواهر و لا يقارن من خلال سماع اكثر من مصدر ، و لا يستطيع التمييز بين الصواب والخطأ بسهولة، و يقع في المصائد و الحيل والمكائد بسبب ثقته المفرطة بالآخرين أو سذاجته أو تعصبه الاعمى او حبه الاعمى ، و ينفذ الأمور الصادرة اليه دون تفكير أو طرح استفسارات او فهم للموضوع او بحث عن الدواع ، و ينسى المواقف السابقة التي كان يجب أن يتعلم منها لكي لا يقع في ذات الاخطاء ، و المبالغة في الطيبة والسذاجة حيث يتصرف بحسن نية مفرط يجعله عرضة للاستغلال و يفتح شهية النصابين و المراوغين و الجشعين لنيل منه .
و هناك تداخل كبير في مفهوم المغفل و الجاهل و الاحمق و الغافل و كثير الله و النساي و قد روي ان لقمان (عليه السلام) - قال لابنه وهو يعظه -: (بني! لكل شئ علامة يعرف بها ويشهد عليها... وللغافل ثلاث علامات: السهو، واللهو، والنسيان)
أصناف السذج و المغفلين:
مغفل يلتزم بالمظاهر دون فهم الجوهر، أو يتبع الخرافات بلا دليل. أو مغفل في حقول التجارة و المقاولات و الصناعة و هو لا يحسن إدارة أمواله و موارده، فيتعرض للخداع و النصب و التحايل و الاختلاس أو مغفل في العلاقات الاجتماعية حيث يثق بالناس جميعا دون تمييز بين الناصح و الطالح منهم ، فيتعرض للخيانة أو الاستغلال او التورط او الابتزاز او الغدر او النصب أو مغفل صاحب شعار حشرة مع الناس عيد و يتبع كل ناعق بلا تفكير و دون تمييز.
ختاما ،
اشهر انواع المكر تغيير الاسم دون السلوك . و ذاك الامر لا يُخدع به إلا المغفلين . فكم مرة سمعت لقب فنانة و هي في الواقع عاهرة . و كم مرة سمعت لقب موسيقار و في الواقع انه نشال . فلنحرص على تنبيه انفسنا و من يعز علينا من الغفلة و الاستغفال و تجنب اهل الكذب و الاحتيال . نعم ، بعض من الناس إذا كشفت لهم من يستغفلهم؛ يغضبون منك أنت وليس ممن يستغفلهم! و لا غرابة في ذلك ! فللغفلة متعتها عند بعض المغفلين! كما للوعي اتباعه . اتمنى ان يتناصح الاباء ابناءهم في هكذا موضوع لتجنيب الشباب و الفتيات الوقوع في فخاخ الاعلام و الابواق و الدعايات و التسويق المضلل و الالحاد و الفجور .