يعد الظلم من أكبر المعيقات لتحقيق السلام في المجتمع، فقد حذر الإسلام من الظلم واعتبره من أعظم المعاصي. قال الله تعالى: *"إِنَّ اللَّـهَ لَا يُحِبُّ الظَّٰلِمِينَ"* (آل عمران: 57)، بينما حث النبي صلى الله عليه وسلم على تجنب الظلم لما له من آثار سلبية في الدنيا والآخرة. وقد ورد في الحديث النبوي الشريف: *"اتقوا دعوة المظلوم فإنها ليس بينها وبين الله حجاب"* (رواه البخاري)، مما يؤكد على عواقب الظلم الوخيمة.
من جهة أخرى، يعتبر السلام في الإسلام حالة من الاستقرار الداخلي والعدالة بين الناس، وهو يرتبط ارتباطًا وثيقًا بتحقيق المساواة وحقوق الإنسان. فالسلام لا يتحقق بمجرد غياب الحروب، بل يتطلب عدالة اجتماعية وسياسية تمنح كل فرد حقه. قال الله تعالى: *"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا"* (المائدة: 8)، فالإسلام يحث على العدل حتى في حال الكراهية أو العداء.
الظلم يهدد الاستقرار ويؤدي إلى تفشي الصراعات والمشاكل الاجتماعية، فحينما يُظلم الناس، تظهر مشاعر الغضب وتزداد التوترات بين أفراد المجتمع. فقد يؤدي الظلم إلى انعدام الثقة بين الناس وتدهور العلاقات الاجتماعية، مما يعوق التعاون والتقدم. أما العدالة، فهي الشرط الأساسي لتحقيق السلام، حيث يشعر الناس بالأمان عندما تتوفر لهم حقوقهم ويحصلون على فرص متساوية. في المجتمع الذي يسوده العدل، لا يقتصر السلام على غياب العنف فحسب، بل يمتد ليشمل السلام النفسي والروحاني.
إن الإسلام يعتبر العدالة أساسًا لتحقيق الاستقرار، ويحث على إرساء مبادئ العدل بين جميع أفراد المجتمع، سواء في الحقوق أو الواجبات. من أجل بناء مجتمع يسوده السلام، يجب أن تعمل المجتمعات على محاربة الظلم وتعزيز العدالة في كل المجالات. والعدالة في الإسلام لا تقتصر على إقامة الحقوق بين الناس فحسب، بل تشمل أيضًا العدل في التعامل مع البيئة والمخلوقات الأخرى.
تحقيق العدالة يخلق بيئة من التفاهم والتعاون، مما يؤدي في النهاية إلى سلام حقيقي ومستدام. فإذا تم تطبيق العدالة بشكل عادل وشامل، فإن ذلك سيكون له أثر عميق في استقرار المجتمعات، مما يساهم في رفع معاناتهم وتحقيق رفاهيتهم. وبالتالي، فإن الابتعاد عن الظلم والسعي لتحقيق العدالة هو الطريق الأمثل لبناء السلام.