أصبحت الفوازير والمسابقات الرمضانية جزءًا من التقاليد الترفيهية والثقافية خلال شهر رمضان في العديد من الدول العربية. بدأت الفوازير كفقرات ترفيهية بسيطة في الإذاعة والتلفزيون في بعض الدول، ثم تطورت مع الوقت لتصبح برامج كاملة تُقدَّم خلال شهر رمضان في عدة قنوات تلفزيونية.
في منتصف القرن العشرين، كانت الفوازير تُقدَّم عبر الإذاعة، حيث كانت عبارة عن أسئلة وألغاز بسيطة تهدف إلى الترفيه وتشجيع التفاعل مع المستمعين والحاضرين. ومع دخول القرن الحادي والعشرين، استمرت الفوازير كجزء أساسي من البرامج الرمضانية، لكنها تأثرت بالتطور التكنولوجي وتنوّعت أشكالها، حيث أصبحت تُقدَّم عبر منصات التواصل الاجتماعي والقنوات الرقمية، وأحيانًا بقوالب تصطدم مع روح الشهر الفضيل وتنزع قداسته.
لا تزال الفوازير والمسابقات الرمضانية تحظى بشعبية كبيرة، لا سيما في أوساط الشباب، حيث تجمع بين الترفيه والتحدي الفكري والضحك، وتُعدّ جزءًا لا يتجزأ من أجواء رمضان في معظم العالم العربي.
في تسعينيات القرن الماضي، كانت بعض القنوات الفضائية تعجّ بالمسابقات والفوازير الرمضانية التي تستجلب أكبر قدر من “الضحايا” من خلال المكالمات الهاتفية الدولية. شخصيًا، أرى أنه من الجميل إطلاق فعاليات رمضانية منزلية تشمل مسابقات وفوازير تُنظَّم من قبل الوالدين، لخلق أجواء أسرية مفعمة بالحب والحيوية والمحتوى النافع والبهجة، وترسيخ العادات والقيم الحسنة. وعلى سبيل المثال، أقدّم حزمة بسيطة لبعض هذه المسابقات:
المسابقة الأولى
مسابقة أجمل غرفة للأبناء في المنزل
يتم تحديد يوم معين خلال الشهر لعقد جولة في غرف الأبناء داخل المنزل، ثم تقديم هدية متواضعة لأفضل غرفة.
اللجنة: الوالدان
معايير التقييم:
1. النظافة – 20%
2. الترتيب المستمر عند النهوض من النوم – 25%
3. التخلص من الأغراض الزائدة – 5%
4. الرائحة الجيدة داخل الغرفة – 10%
5. عدم تخزين أي نوع من الطعام – 5%
6. حسن ترتيب الملابس – 10%
7. التهوية المنتظمة للغرفة – 5%
8. عدم وجود أسلاك كهربائية ممددة على الأرض – 10%
9. عدم وجود أي مصدر خطر للاشتعال – 5%
10. إزالة الغبار باستمرار – 5%
المسابقة الثانية
مسابقة أجمل صوت في قراءة آيات قرآنية أو دعاء
يتم اختيار دعاء معين، صغير مثل “دعاء اليوم”، أو متوسط الحجم مثل دعاء “كميل” أو “الافتتاح”، ثم يُمنح جميع أفراد المنزل فرصة متكافئة للقراءة. بعد الانتهاء، يتم ترشيح أفضل صوت من الأبناء، مع مراعاة وضوح مخارج الحروف، ثم يُمنح الفائز جائزة رمزية. وفي حال التساوي في الأداء، يمكن مناصفة الجائزة بين أكثر من مشارك.
المسابقة الثالثة
مسابقة أنشط مشارك في المطبخ
تهدف هذه المسابقة إلى تحفيز الأبناء على المشاركة في إعداد الأطباق الرمضانية اليومية، واكتساب معلومات عن السلامة في المطبخ، واستخدام الأدوات بشكل صحيح، والتخلص من النفايات، وتنظيف الأواني. يُتوَّج أكثر الأبناء مشاركةً في أنشطة المطبخ بجائزة رمزية تحفيزية، ويمكن منح جوائز ترضية للمشاركين الآخرين الأقل نشاطًا.
المسابقة الرابعة
مسابقة “قصّة ملهمة بالنسبة لك”
الهدف:
تحفز المسابقة الأبناء على فن الإلقاء، وتعزيز قوة الشخصية، وتطوير مهارات السرد والتفاعل، والالتزام بآداب الحديث، واستقراء القيم من خلال القصص.
آلية المسابقة:
يُمنح كل ابن أو ابنة الفرصة لعرض قصة عاشها، أو تجربة خاضها، أو قصة قرأها واستوحى منها قيمة أو درسًا ملهمًا. يمكن للمشاركين الاستعانة بجميع الأدوات التكنولوجية المتاحة، مثل الحاسوب أو تقنيات الذكاء الاصطناعي، لتقديم القصة بأسلوب شيق ومعبر. وفي النهاية، يُكرَّم جميع المشاركين بجوائز رمزية.
بالتأكيد، هناك العديد من الأفكار الأخرى، لكنني أكتفي بما ذكرت. نجاح الأسر في احتضان أبنائها خلال شهر رمضان عبر إطلاق مسابقات وفوازير ثقافية وأنشطة تفاعلية متصلة بالأخلاق والقيم يؤسس لقواعد أسرية متينة، ويصنع ذكريات جميلة تدوم في أذهان الأجيال القادمة. كما أن هذه الأنشطة تساعد الأبناء على الابتعاد عن متابعة البرامج التلفزيونية التي تستنزف الحياء والأخلاق والقيم، وتعزز فيهم روح الولاء للأسرة والمجتمع والوطن.