الحقيقة أن كل لحظة في حياتنا هي بمثابة استثمار في الآخرة، فعلينا أن نحرص على أن تكون أعمالنا مليئة بالنية الصافية والعمل الصالح، لأننا فعلاً ما نزرعه في الدنيا سنجنيه في الآخرة. نسأل الله أن يوفقنا جميعاً لما فيه الخير ويجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم. الدنيا رخيصة قد يملكها فقير أو وزير، ولكن الجنة غالية
في عالمنا المعاصر، كثيرًا ما ينشغل الناس بالمظاهر الدنيوية مثل المال، والمنصب، والمكانة الاجتماعية. كثيرون يسعون للحصول على أكبر قدر ممكن من الثروات والسلطات، معتقدين أن تلك الأشياء هي مصدر السعادة والرفاهية. لكن إذا تأملنا في حقيقة الحياة الدنيا، سنجد أن هذه الأشياء ليست هي ما يجب أن نسعى وراءه بقدر ما ينبغي أن نركز عليه في حياتنا هو سعي الإنسان لتحقيق السلام الداخلي والنجاة الأبدية.
الدنيا بكل ما فيها من مال وجاه، قد تكون رخيصة جدًا، فالكثير من الناس يمتلكونها حتى وإن كانوا فقراء، بينما البعض الآخر في مناصب رفيعة جدًا، كوزير أو مسؤول. هذه الممتلكات والمكانة في الدنيا قد تبدو كبيرة وعظيمة في نظر البعض، لكنها في النهاية زائلة. "الدنيا متاع"، كما ذكر القرآن الكريم، وسوف تنتهي مهما كانت قيمة ما نملك فيها.
أما الجنة، فتمثل الخير الدائم والعطاء اللامحدود من الله تعالى. إنها غالية جدًا في طابعها، فهي لا تُمنح بسهولة، ولا يُمكن شراؤها بالمال أو القوة. هي حصيلة الأعمال الصالحة، والطاعات، والنوايا الطيبة. إن دخول الجنة يتطلب منا أن نعيش حياتنا بمسؤولية، أن نسعى لتحقيق مرضاة الله، وأن نتحلى بالأخلاق الحسنة، ونسعى للإحسان إلى الناس، سواء كانوا أغنياء أم فقراء.
الحياة ليست مسألة جمع الثروات فحسب، بل هي كذلك في كيفية تعاملنا مع الآخرين وتقديم الخير للمجتمع. هناك من يمتلك المال ولا يعلم كيف ينفقه في الخير، وهناك من لا يملك المال، ولكن الله يبارك في أعماله وصبره. لذلك، لا يجب أن نسمح للأمور المادية أن تسيطر على حياتنا، بل ينبغي أن نتجه بكل قوتنا نحو الأعمال التي تقربنا من الجنة.
الاستثمار في الأعمال الصالحة وتزكية النفس وحسن التعامل مع الآخرين هو الذي يجعل الإنسان في النهاية يحقق النعيم الأبدي في الآخرة، بغض النظر عن وضعه الاجتماعي في الدنيا. فالعبرة في النهاية ليست بما نملكه من مال أو مكانة، بل بما نقدمه من أعمال صالحة تفتح لنا أبواب الجنة.
علينا أن نتذكر دائمًا أن الحياة قصيرة، وأن ما نفعله فيها هو الذي يحدد مصيرنا في الآخرة. فالجنة غالية، ولن نتمكن من امتلاكها إلا إذا كانت أعمالنا صالحة وخالصة لوجه الله.