مع اقتراب شهر رمضان المبارك، قمت بعمل هذا التقرير المبسط الذي حرصت فيه على تنوع أعمار المشاركين فيه بين المرأة المتزوجة الناضجة وبين الفتاة في مقتبل العمر والرجل ذو الخبرة، فظهرت مختلف الاستعدادات المتباينة، الدينية والمادية والاجتماعية وغيرها، بعضها بدت عامة تمارس في أغلب البيوت، وبعضها خاصة عنت الكثير لبعض العوائل وحرصت على تأديتها في شهر الخير والبركة،
قد يبدو الموضوع مألوف للجميع إلا أنه يضيف لقارئه اتساع في الروح، وفرحة تسبق أيام قليلة قادمة بإذن الله.
وإذ تبدأ العائلات بالتحضير لشهر رمضان بطرق مختلفة، فقد تتنوع بين التخطيط المادي والغذائي، وتعزيز الروابط الاجتماعية، والتفرغ للعبادات، إلى جانب العادات والتقاليد الخاصة التي تميز كل أسرة. ومن خلال هذا الاستطلاع برزت أنماط متنوعة في التجهيز، تعكس اختلاف الاحتياجات والأولويات، وقد عبر عنها من سألناهم وأخذنا بعض أحاديثهم كالتالي:
ففي الاستعداد المادي: بين التخطيط والمرونة
يتفاوت الاستعداد المادي من شخص لآخر؛ فبينما يحرص البعض على وضع ميزانية محددة لتجنب المصاريف غير الضرورية، كما تفعل فاطمة الخضراوي، نجد أن أشواق الضامن تقوم بتخصيص جزء من دخلها سنويًا لمساعدة المحتاجين وتأمين احتياجات أسرتها. من ناحية أخرى، تلجأ سعاد الحبيب إلى الشراء التدريجي، حيث تستفيد من العروض قبل رمضان، وتوزع المشتريات بين شهري شعبان ورمضان. وعلى العكس، هناك من لا يفضل التخطيط المسبق، ويفضل التعامل مع المصاريف بشكل تلقائي وفق الاحتياج الفعلي، وكما عبر أبو هادي بأن عدم المبالغة في الصرف المادي ومحاولة التوازن هو أفضل الاستعدادات.
وفي الاستعداد الغذائي: التنظيم مقابل العفوية
تختلف العائلات في أسلوبها الغذائي خلال رمضان، حيث يميل البعض إلى تحضير الأطعمة مسبقًا وتجميدها، مثل أشواق الضامن وفاطمة الخضراوي، لضمان سهولة الطهي وتوفير الوقت. بينما يعتمد آخرون على الشراء وفق الحاجة اليومية، مثل أشواق الضامن، التي تؤمن بأن رمضان فرصة لترويض النفس على الاقتصاد والاعتدال. أما سعاد الحبيب، فتركز على التنويع بين الأطباق وتجنب الأطعمة غير الصحية، مع التأكيد على أهمية التوازن بين الأطباق المالحة والحلوة، دون الإفراط في الزيوت والدهون.
وأما في الاستعداد الاجتماعي: تعزيز الروابط العائلية
تحرص الكثير من العائلات على استثمار شهر رمضان في تعزيز العلاقات الأسرية. فبالنسبة إلى أشواق الضامن، يشكل رمضان فرصة لزيارة العائلة، حيث تقوم بتجهيز وجبات جاهزة لمساعدة والدتها. أما سعاد الحبيب، فتلتزم بزيارة والدتها يوميًا، وتجعل التواصل العائلي جزءًا أساسيًا من يومها الرمضاني. في المقابل، يفضل البعض الاكتفاء بالتواصل الافتراضي مع الأهل والأصدقاء، دون تنظيم لقاءات شخصية مكثفة.
وللاستعداد الديني: شهر للتقرب إلى الله
يتعامل الناس مع رمضان كفرصة لزيادة الطاعات والتقرب إلى الله، فبينما تحرص أشواق الضامن على الاجتماع العائلي يوميًا لقراءة القرآن الكريم وإقامة مجالس الذكر، تسعى سعاد الحبيب لقراءة الأدعية اليومية، وإحياء ليالي القدر بالدعاء والعبادة. كما تخطط فاطمة الخضراوي لختم القرآن الكريم، إلى جانب الالتزام بالأعمال المستحبة، في حين يفضل آخرون التركيز على الأذكار والعبادات الفردية وفق إيقاعهم الشخصي، وعبر آخرون بأن الاستعداد الديني هو ما يميز هذا الشهر الفضيل عن غيره من الشهور، لا سيما بقراءة الأدعية النهارية والمسائية وكذلك قراءة القرآن الكريم.
وفي الطقوس الرمضانية المتنوعة: بين العادات العائلية والأنشطة الترفيهية
رمضان يحمل معه عادات وتقاليد خاصة بكل أسرة، فمنهم من يخصص وقتًا للتجمع العائلي بعد الإفطار، كما تفعل أشواق الضامن، حيث تجتمع العائلة بعد المجلس الحسيني في منزل الجد لتبادل الأحاديث وإحضار أطباق منزلية الصنع. بينما تشير فاطمة الخضراوي إلى أن طقوسهم تتضمن مشاهدة المسلسلات والضحك بعد الإفطار، في جو مليء بالألفة والمرح.
ومن الأطباق الرمضانية: التقاليد حاضرة على السفرة
لا تكتمل مائدة الإفطار دون أطباق رمضانية مفضلة، حيث تتفق معظم العائلات على أهمية وجود السمبوسة بأنواعها المختلفة، بينما تفضل سعاد الحبيب التنوع بين الشوربة، القيمات، والثريد، مؤكدة على ضرورة وجود واحد منها على السفرة يوميًا. أما البعض الآخر، فيتمسك بالأطباق التراثية ولا يميل إلى التجديد أو التجربة.
وتكشف هذه الآراء المتنوعة عن طرق مختلفة للاستعداد لشهر رمضان، حيث يجمع الجميع على أهمية هذا الشهر كفرصة للعبادة، وتعزيز الروابط الأسرية، وممارسة العادات الخاصة التي تمنحه طابعًا مميزًا. ورغم اختلاف العادات والتقاليد، يبقى رمضان شهرًا مليئًا بالروحانية والتقارب العائلي، حيث يسعى الجميع لجعله شهرًا مباركًا عامرًا بالخيرات والطاعات.