قبل أن يهل علينا هلال شهر رمضان المبارك، تبدأ الأسواق والمحلات التجارية في جذب أنظار الناس من خلال الإعلانات التسويقية التي تهدف إلى تحفيزهم على شراء مستلزمات هذا الشهر الفضيل. وتبدأ العروض الترويجية التي تعد الناس بالكثير من العروض والخصومات، مما يؤدي إلى إغراء الكثيرين بشراء المزيد من المواد الغذائية والمنتجات التي قد لا يحتاجونها. وفي ظل هذه الحملات الدعائية المتواصلة، يغيب عن البعض الوعي بمفهوم التبذير والإسراف، ويغرقون في شراء كميات هائلة من المستلزمات، في وقت تكون فيه الكثير من هذه المنتجات قد تنتهي بها الحال في سلة المهملات.
ويكمن الخطر هنا في أن بعض الأشخاص يتسابقون لشراء المنتجات دون الحاجة الحقيقية لها، فقط لأن العروض مغرية أو لأنهم يخشون من أن لا يجدوا ما يحتاجون إليه إذا لم يشتروا كميات كبيرة. هذه العادات تؤدي إلى تبذير الأموال، وهو أمر لا يرضاه الإسلام، حيث حثنا ديننا الحنيف على التوازن في الإنفاق وعدم الإسراف، سواء في شهر رمضان أو في غيره من الأوقات.
في وقتنا الحالي، نجد ظاهرة التبذير قد توسعت لتشمل جوانب عديدة من الحياة، ومنها التفاخر بالمشتريات وتكديس الطعام، مما يؤدي إلى رمي الكثير من الأطعمة التي يمكن أن يستفيد منها الآخرون. في المقابل، نجد أن فئات كبيرة من المجتمع تعاني من الفقر والجوع، ولا تجد ما يعينها في هذا الشهر الكريم.
لذلك، يجب أن نعيد التفكير في كيفية استخدام الأموال في شهر رمضان، فالإسلام يدعونا إلى الاعتدال في الإنفاق، والتفكير في المصلحة العامة. علينا أن نركز في رمضان على تعزيز روح العطاء والتكافل الاجتماعي، بدلاً من أن يتحول الشهر إلى موسم استهلاك وإسراف.
إن شهر رمضان هو شهر الرحمة والمغفرة، وهو فرصة عظيمة لتعزيز القيم الإسلامية في التواضع والعطاء. لنحرص على أن يكون إنفاقنا في حدود ما نحتاجه، وأن نوجه أموالنا إلى دعم الفقراء والمحتاجين الذين هم في أمس الحاجة إلى ما يعينهم على تلبية احتياجاتهم الأساسية. كما يمكننا استثمار الأموال في العمل الخيري والمساهمة في مشاريع خيرية تسهم في رفع معاناة الآخرين، وبالتالي نكون قد استثمرنا نعم الله بالشكل الصحيح.
في الختام، يجب أن نتذكر أن المال ليس ملكًا لنا فقط، بل هو أمانة من الله تعالى. ومن خلال كيفية استخدامنا له، يظهر مدى وعي الإنسان واستشعاره للمسؤولية الاجتماعية تجاه الآخرين. فلنحرص على أن نكون من الذين يحسنون التصرف في الأموال، ويستثمرونها في كل ما هو نافع ومفيد للمجتمع.