مطلب يثير حالة من الاستغراب عند الكثيرين، لأن جمالية الصور وإبداعها يظهران في أعين من يراها.
خصوصًا أن موهبة الرسم موهبة فريدة تميّز بها رسامون محترفون عن غيرهم. لكن:
- هل بمقدور كل إنسان أن يرسم صورًا إبداعية، حتى لو لم يكن رسامًا يومًا ما؟
- كم رسامًا محترفًا يقبل أن يرسم صورًا لا يراها الآخرون؟
- كيف يمكن أن يُعجب الناس بصور لم يروها ولم يعرفوا راسمها؟
ولكي يكون المطلب أكثر وضوحًا، فالتعاملات البشرية هي في حقيقتها صور متنوعة يرسمها كل شخص عن نفسه في عيون الآخرين.
فعندما يتعامل الإنسان بمستوى عالٍ من الأخلاق والإحسان، فإنه يرسم صورًا جميلة عن نفسه في عيون غيره، والعكس صحيح.
لكن هناك صورًا مخفية لا يراها الآخرون عن الإنسان. قد تكون حسنة أو سيئة.
غير أن الإبداع الحقيقي الذي نقصده في حديثنا هو قدرة الإنسان على رسم صور إيجابية داخل نفسه تجاه الآخرين.
وليس شرطًا أن يروها، لأن إبداعها يكمن في إخفائها!
- هل فكرت يومًا في رسم صورة دعاء في سماء ليلة مظلمة لمن أساء إليك؟
- هل فكرت في رسم صورة جميلة في قلبك لمن لم يردّ السلام عليك؟
- هل فكرت في رسم صورة تواصل مع إنسان لا يعتقد أنك تذكره بخير؟
- هل فكرت في رسم صورة إحسان لإنسان تكون أفضل من إحسانه إليك؟
- هل فكرت... هل فكرت... هل فكرت؟
إنها صور خيالية، وضرب من الخيال عند كثير من البشر.
أمثال هؤلاء لا يتقنون إلا رسم الصور البشعة أو صور الماديات والمصالح.
لكن بمقدور أي إنسان أن يحاول كي يصبح رسامًا محترفًا، يرسم صورًا إبداعية مخفية عن الناس.
بشرط قدرته على تهذيب نفسه، والسعي لنيل مرضاة الله ورسوله الكريم وأهل بيته الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين.
ومن تلك الصور الجمالية، الصورة التي رسمها الإمام الحسين عليه السلام في دعاء عرفة كي يسعى كل إنسان لرسمها في حياته.
فقال: "وفي نفسي فذلّلني، وفي أعين الناس فعظّمني".
ولعل أجمل ما في هذا المطلب أن جزءًا من تلك الصور الجمالية الخفية يظهر للناس بعد موت راسمها.
لكن المفاجأة الحقيقية أن يُظهر الله جمالية تلك الصور الإبداعية يوم القيامة، ثم يُشار إلى راسمها المتخفي بين الخلائق.
التعليقات 1
1 pings
علي
2025-01-26 في 11:12 ص[3] رابط التعليق
احسنت يا شيخ
ولكن زماننا اصبح زمن ***** ومصالح دنيوية وليست اخروية . هذه القيم التي تبنى عقيدتنا عليها اصبحت من الماضي فالذي تقدم له المعروف يتنكر لك بدلا من ان يشكرك او يرسم لك صورة جميلة في نفسه .
ترى البعض في وقت مصلحته يأتيك زحفا ذليلا وعندما تقدم له المعروف يهرب هروب الجبان الذي لا يعترف بالمعروف بل يخذلك في حقك وينكره .
فهل مازالت فضيلة من تقدم له معروفا يعظمك ويقدرك ولا ينساك طول حياته ؟؟
لست متشائما ولكن قل الديانون وكثر المصلحجيون .