إن الرجل ليذنب فيندم عليه، ويعمل العمل فيسره ذلك، فيتراخى عن حاله.
وشر الأمور الرضا عن النفس، ومن أعجب بنفسه أصيب بعقله، والعجب رأس الحماقة وعنوانها.
النفس فُطرت على التوق للكمال، وحب الكمال، وحب كل ما هو جيد، بغض النظر عن ماهية هذا الجيد.
والإنسان عندما يصل إلى مرحلة الكمال في كل مورد -ولا نقصد الكمال المطلق- أو بصورة عامة، إذا وصل إلى حالة جيدة، فإنه يشعر بالارتياح. فإذا وصل إلى مرحلة جيدة من العلم شعر بالارتياح، وإذا وصل إلى مرحلة من القوة أو تحصيل المال أو الجمال أو الجاه أو غيرها، فإنه يشعر بالارتياح، لأنه عند نفسه وصل إلى شيء فُطر عليه، وهو حب الكمال.
وحيث إنه يرى أن هذا الشيء الذي وصل إليه هو من الكمال، فإن نفسه ترتاح إلى ذلك. ومن الارتياح يتولد ما يسمى بالعجب. إن النفس تستعجل الوصول إلى هذه الحالة من الارتياح، فتُصور ذلك الإنسان على أنه فعل صوابًا وبلغ مرتبة عالية، فيفرح بذلك.
وهذه الاستجابات والتفاعلات تحدث في كوامن النفس بحيث لا يعي الإنسان ذلك في غالب الأوقات. إذن، هذه فلسفة حدوث العجب بالنفس.
تأثير العجب: (الإعجاب يمنع الازدياد)
تأثير هذه الطاقة، وهي العجب، يُضاعف مفسدة النفس وتهورها.
والإنسان إذا لم يعرف محله وقدره ظلم نفسه وغيره في سلوكه وفي معتقده. قال الإمام علي:
"إياك والإعجاب بنفسك والثقة بما يعجبك فيها، فإن ذلك من أوثق فرص الشيطان في نفسه ليمحق ما يكون من إحسان المحسنين."
هذا بالإضافة إلى أن هذه الطاقة شريرة شيطانية، لذلك فهي بالضرورة سوف تزرع الغرور والتكبر في نفس ذلك الإنسان على غيره، وهلم جرًّا في الذنوب.
وأيضًا هناك شيء يُستنتج، وهو أن المرء إذا أعجب بعبادته فهذا دليل قاطع على أنه ما عبد الله، بل عبده رياءً. والله لا يتقبل هذا الرياء، لأن الله لا يتقبل عملًا أُشرك معه غيره في الغايات. إن الله يتقبل من الموحدين في العمل.
التخلص من العجب: (سد سبيل العجب بمعرفة النفس)
إذن، الوعي هو الأساس في محاربة هذه الحالة. وهناك أسلوب ضروري ومهم يجب أن يتبعه الإنسان، وهو رصد النفس ورصد حالتها وانفعالاتها، والاختلاء مع الذات لتذكر الأفعال وتحليلها. فإن ذلك يزيد من الوعي ويزيد من تحكم وسيطرة الإنسان بنفسه.
اللهم لا تجعلنا من المعجبين بأنفسنا، إنك سميع مجيب.