لابد لنا من الخوض في بعض أعمال القصاص وما لهم من الأثر في توجيه الرأي العام لقبول تلك المنكرات، فإنهم قاموا في المساجد والجوامع والطرقات والأندية الثقافية يبثون تلك المنكرات، تأييداً للمبادئ المبتدعة. ولقد اتخذت السياسة منهم سلاحاً فاتكاً، فكانوا ينشرون القصاصين في ساحات الحرب يشجعون الجند على التضحية، حتى تطورت الحالة إلى اختراع الأحاديث والقصص لإيقاع الفتن بين طوائف المسلمين. ولقد خضعت العامة لتصديقهم وقبول مفتعلاتهم النكراء، حتى أصبح من العسير الإنكار عليهم. وعلى ذلك، فمن كان من الخطباء والوعاظ فيه هذه الآفات لحقه الذم، ومن تخلص من ذلك ونحوه من الآفات كان على خير وإلى خير.
ومن مفاسد القصص التي يجب أن يتخلص منها القاص، غير ما تقدم حتى لا يلحقه الذم: العجب بالنفس ورؤية فضلها على الآخرين من الناس والترفع عليهم، ومنها فساد النية وطلب الدنيا واتباع العواطف والشهوات والتزين والتصنع بتحسين اللفظ وإظهار الفصاحة.
وعلى أي حال، فلو حاولت أن أصف هنا عظيم الأثر الذي تركته تلك الأوهام والأكاذيب التي وضعها الدجالون والقصاصون الذين يلقنون العوام إياها، وبالأخص بغض الشيعة وعداء أهل البيت، لطال بنا الحديث، وعظمت قائمة الحساب. ولكننا نقتصر على هذا القدر ولا نشمل جميع العوامل التي دفعت الناس إلى التهجم على الشيعة وعلى من يخالفهم الرأي، فذلك يحتاج إلى وقت طويل.
ولهذا، نقتصر على نتيجة واحدة في تصفية الحساب، وهي لفت نظر أبناء العصر الحاضر إلى رعاية حقوق الأمة، والتمييز بين الحق والباطل، بدون تعصب وتحيز.
والله ولي التوفيق