من القصص التي انتشرت في المجتمعات العربية والخليجية وفي منطقتنا الأحساء، والمناطق المجاورة، قصة (حمارة القايله)، وهي أنثى الحمار ، وهو كائن لا وجود له على ظهر الأرض إلا في أذهان الآباء والأمهات وما علا ، وقد اخترعوا القدماء هذه الشخصية الحيوانية والإنسانية معاً، لأن ما يراد بها هو رأس حمار وجسم وأرجل إنسان، حتى يكون إيصال المعلومة للأطفال أبلغ وأصدق من قول أنه حيوان كالحمار، والذي عرف عنه أنه حيوان أليف أعتاد الأطفال على وجوده وبين ظهرانيهم والتكيف معه في المنازل والمزارع .
وحمارة القايلة، هو مخلوق مخيف وغريب وكائن مرعب يأكل الأطفال ويفترسهم، عندما يخرجون وقت الظهيرة في حرارة الشمس، وهي أسطورة شعبية ظهرت في المجتمعات العربية، ويخوف بها من يكثر الخروج والخطرفة في وقت الظهيرة، ومن لا يستقر في منزله ولا ينام في قيلولة فصل الصيف خاصة الأطفال واليافعين، وقد صوروه لهم وحش مخيف يأكل الأولاد الصغار الذين يخرجون في منتصف النهار وهو وقت خروج الأطفال للعب في الشوارع والصكيك، وقد تناقلت الأمهات قصصها وحذّروا أطفالهم من الخروج وقت الظهيرة لشدة حرارة الصيف وخوفاً عليهم من أشعة الشمس الحارقة حتى لا تصيبهم الأمراض جراء ذلك، وما زالت الصورة الخيالية لحمارة القايلة عالقة في أذهان شباب ذلك الجيل ولها مُسمّيات أخرى منها أم حمار وكلبة القايلة كما هو في الأحساء والقطيف ودول الخليج .
أما عن لماذا يتم تخويف الأطفال في هذا الوقت بالتحديد وهو وقت الظهيرة، فلعدة أسباب منها وأهما هو ، أن الناس قديماً كانوا يعملون منذ الصباح الباكر، ويعودون من العمل المتعب والشاق وقت الظهيرة، وهي في نصف النهار والتي عادة ما تكون استراحة للأجسام المتعبة والمرهقة ، لأخذ قسطاً من الراحة بعد ما يتناولون وجبة الغداء، وذلك من باب المثل الشعبي الدارج بين الناس: (تغدى وتمدى وتعشى وتمشى)، وذلك لاستعادة النشاط من جديد لمشاق نصف النهار الثاني ، ولم يكن يعكر صفو هذه القيلولة سوى شقاوة الأطفال في وقت الظهيرة ، لأن ذلك يستدعي الآباء الخروج إلى الشارع في هذا الوقت وهو وقت استراحتهم للعثور على الأطفال لإرجاعهم إلى المنزل خوفاً عليهم من السرقة أو الأفعال المشينة الأخرى ، فمن هنا تم اختراع اسطورة تبقي هؤلاء الأطفال في منازلهم في وقت الظهيرة، بقولهم، يا عيال لا تطلعون هالحزة وإلا بتجيكم حمارة القايلة وتأكلكم؟.
وكان الهدف من اختراع هذه الأسطورة تخويف الأطفال من الخروج في وقت الظهيرة، حماية لهؤلاء الأطفال من درجة الحرارة العالية، وعدم إصابتهم بضربات الشمس، ومن جهة أخرى دفعهم إلى الهدوء أو النوم في فترة الظهيرة كي لا يزعجوا الكبار الباحثين عن قيلولة وقت الظهيرة للراحة من عناء العمل، ورغم النوايا الطيبة وراء اختراع هذه الأسطورة فإنها على مر عقود في العصور القديمة تحولت «حمارة القايلة» إلى أشهر الوحوش المرعبة في حياة الأطفال وأدخلت في قلوبهم الرعب، وقد أضافة هذه الأسطورة أو الخرافة الشعبية على حمارة القايلة الكثير من الأوصاف التي تجعل منها كائناً مرعباً للأطفال، وتم ترويج «حمارة القايلة» باعتبارها أحد أشكال الجن، فمن هنا ظهرت اسطورة أو خرافة «حمارة القايلة» أو حمار وقت الظهيرة، والبعض يسميها كلبة القايلة، وقد ضربت بعض الأمثال الشعبية على هذا المخلوق المظلوم منها (أربط الحصين عند الحمير يتعلم النهيق) وقالوا أيضاً ( إذا أنت أمير وأنا أمير مين يسوق الحمير) والمثل القائل (أنطر يا حمار لين ما يجيك الربيع)، ويتردد في السابق مثال (ما أحد أنظلم مثل الحريم والحمير) مما يدل على الظلم الكبير الذي لقاه هذان المخلوقان في حياتهما.
ولعل السبب في اختيار الحمير ككائن مخيف ومرعب للأطفال هو مأخوذ من الآية الكريمة ، قال تعالى في كتابه الكريم: ( إن أنكر الأصوات لصوت الحمير )، فمن صوتها (نهيقها) استمدوا الرعب للأطفال لأنها تحدث صوتاً مرعباً حين نهيقها يخيف الأطفال.