أُسدل الستار، مساء أمس الإثنين، عن الموسم الأول لـ (معلقة ٤٥) أضخم برنامج سباق شعري في الوطن العربي، بتتويج الشاعر الأحسائي والأديب العربي الكبير «جاسم بن محمد الصحيح» عن فئة الشعر الفصيح، والفوز بالمركز الأول وجائزة البرنامج البالغة مليون ريال سعودي، بعد منافسة شعرية قوية مع الشاعر الكويتي «دخيل الخليفة» خلال مجريات الحلقة الأخيرة من البرنامج والتي عُرضت فعالياتها مباشرة على القناة الثقافية وقناة mbc1.
كما شهد البرنامج تتويج الشاعر «محمد التركي» عن فئة الشعر الحر، والشاعر «صالح النشيرا» عن فئة الشعر النبطي وفوز كل واحد منهما بجائزة مليون ريال سعودي، وستُعلق قصائد الفائزين بالمعلقة في أماكن مميزة بالعاصمة السعودية الرياض.
واختتم «الصحيح» سلسلة مشاركاته بقصيدة وطنية “حُبلى بالجمال” عنوانها (فارس اسمه الوطن)، أبهرت الحضور وأعجبت لجنة التحكيم، حيث أكد الأستاذ «إبراهيم محمد يعقوب» على أن قوة «الصحيح» وحضوره القوي في هذا البرنامج تكمن في مراهنته على مواضيع قصائده، إلا أنه اختار بذكاء الموضوع الأهم عن الوطن في الحلقة النهائية.
ووصف الدكتور «عارف السعدي» النص الشعري بأنه هائلٌ ينبني على فكرة فلسفية بين التراث والمعاصرة، وأن «الصحيح» برؤيته الشعرية استطاع أن يتداول هذه الفكرة بإبداع شعري عال.
وأعجبت الدكتورة «فوزية أبو خالد» بالتناص الروحي بين قصيدة «الصحيح» العظيمة مع قصيدة الشاعر الراحل «غازي القصيبي»، وقالت إن هذه القصيدة الرائعة تمثلها وتمثل كل عاشق لهذا الوطن.
وتغنت لجنة التحكيم بالبيت (الأعظم) في هذه القصيدة:
ولو كانتِ الصحراءُ ثوباً خلعتها
وألقيتها عني ولكنها جلدُ
ومع نهاية الحلقة، اختارت لجنة التحكيم «جاسم الصحيح» للفوز بالمركز الأول عن فئة الشعر الفصيح، في الموسم الأول لـ (معلقة ٤٥)، فيما حصل «دخيل الخليفة»، على المركز الثاني وجائزة نصف مليون ريال سعودي.
ولم تخرج قصيدة (فارس اسمه الوطن) عن الإطار الإبداعي المتفرد لجميع القصائد التي شارك فيها خلال مراحل البرنامج والتي أكدت على تميّز «الصحيح» بأسلوبه العذب وإحساسه المرهف الواضح بالاستعارات والتشبيهات الخيالية.
ففي المرحلة الأولى قدّم «الصحيح» قصيدة مذهلة بعنوان (الشاعر المتشجّر بالكائنات)، انبهرت الدكتورة «فوزية أبو خالد» بالقصيدة التي نقلت حالة التعدد في شخصية (الشاعر) بين الفردانية وبين الجمع والانتماء، معجبة بالتناقض الإبداعي بين قلق الشعر وتساؤل الشاعر.
وفي مرحلة ربع النهائي، أذْهل «الصحيح» الجميع بحضور باهر وقصيدة قوية بعنوان (البشت الحساوي.. ملك الأكتاف)، حيث أشار الأستاذ «محمد ابراهيم يعقوب» إلى أن القصيدة ملتزمة بكل جماليات القصيدة الشعرية العربية كالوفاء للموضوع، فخامة الألفاظ، الصور الشعرية، الإستعارات، وحتى أنسنة الأشياء.
أما في المرحلة نصف النهائية، واصل «الصحيح» إبداعه بالمشاركة بقصيدة عالية الجودة عن شاعر العصر العباسي أبو الطيب المتنبي الذي يعد أحد أعظم الشعراء العرب على مر العصور، وحملت القصيدة عنوان (المتنبي كونٌ في ملامح كائن) وهي كما يراها «الصحيح» بأنها “القصيدة الأهم”، حيث أبدى الدكتور«عارف الساعدي» إعجابه بالقصيدة مؤكدا بأنها أحدى القصائد التي ستُخلّد لأنها كُتبت بنَفسٍ عظيم وشعريةٍ عالية.
وبالإضافة إلى تتويجه بالمسابقة، يُحسب للقناة الثقافية اهتمامها بأديب وشاعر بقامة «الصحيح» عندما أسندت له مهمة تقديم الموسم الأول من برنامج “قول على قول”، وهو برنامج شعري من ١٣ حلقة رافقنا فيه «الصحيح» “عبر رحلات متعددة مع أسماءٍ شعرية أضاءتْ الذاكرة العربية منذُ عصرِ ما قبل الإسلام إلى عصرنا هذا”.
ويعتبر «جاسم الصحيح» أحد أشهر أدباء وشعراء الخليج والوطن العربي في العصر الحديث، من مواليد مدينة الجفر شرق الأحساء، بدأ رحلته الأدبية منذ سن مبكرة من خلال المشاركة بالمناسبات الدينية والاجتماعية، كتب خلال مسيرته المهنية العديد من القصائد نُشر عدد منها في مختلف وسائل الإعلام المحلية والعربية، له حوالي ١٥ ديوانا شعريا، أول ديوان شعري منشور كان “ظلي خليفتي عليكم” عام ١٩٩٦ وآخر ديوان “طيورٌ تحلق في المصيدة” في عام ٢٠٢١، شارك بالمسابقات الشعرية وفازت قصائده بعدد كبير من الجوائز آخرها التتويج بالمركز الأول لأضخم برنامج سباق شعري في الوطن العربي (معلقة ٤٥).
الجدير بالذكر أن برنامج (معلقة ٤٥) شهد حضورا قويا ومميزا لعدد من شعراء الأحساء على الرغم من توقف مشوارهم عند مرحلة الربع نهائي، وهم الشاعر «محمد الحرز» عن فئة الشعر الحر، والشاعرة «حوراء الهميلي» و«حيدر العبدالله» عن فئة الشعر الفصيح، كما شهدت الحلقة الثانية تقديم الشاعرة «آيات العبدالله» كإحدى المواهب الشعرية العربية عن فئة الشعر الفصيح.