كثيرون هم من يمتلكون الرغبة والشغف ، لاكتشاف ما حولهم في مجالات عدة ، فيعكفون على اهتماماتهم ، ويجتهدون في سبر تفاصيل ميولهم ، ويسخرون ما وهبهم الله من إمكانات وطاقات ، في تحقيق الاكتفاء الذاتي ، وتصدير تلك النواتج إلى من حولهم في بيئة عملهم وعلى نطاق العمل الاجتماعي ، معتبرين أن ذلك يسهم في تطوير قدراتهم ، فالممارسة والتجارب كفيلة بصنع الشخصيات الطموحة التي تستفيد من الأخطاء ، وتبث علومها للآخرين ؛ للنهوض بالطاقات الشبابية وتربية النشء على استغلال كوامن طاقته فيما يثري وينفع .
وما ضيفنا إلا واحد ممن صنعوا علامة فارقة في مجال صناعة المحتوى بشتى مجالاته ، التصميم والبرمجة والمونتاج والكتابة والابتكار ، وأعماله تشهد بذلك في مجال التعليم وفي مجال الخدمة الاجتماعية والتطوعية التي سلك طريقها عبر عدة محطات ، فمن كلية المعلمين إلى نادي المنيزلة سابقاً ومركز النشاط حاليًا إلى فرقة 14 نور الإنشادية ومنتديات روافد المنيزلة ،وإبداعه في المدارس التي مر من خلالها والتي قدم عدة برامج حقق فيها شهادات من مديري المدارس ومكاتب الإشراف .
بدأ يتعلم معتمدًا على نفسه في بيئة تملك نفس الشغف وذات الاهتمامات ، فصدر لنا أروع الإنتاجات والأفكار عبر البرامج الشبابية التي قدمها خلال مسيرته في المحطات التي أشرنا إليها .
نرحب بالأستاذ عبدالمنعم يوسف الشهيب ، نائب مشرف مركز النشاط الاجتماعي سابقًا ، في هذا الحوار الذي نتمنى أن يرتقي لذائقتكم .
▪️الحياة الشخصية والأسرية :
• حدثنا عن حياتكم الأسرية والشخصية ؟
متزوج ، أب لثلاث أطفال ( فاطمة ، حسن ، محمد ) ، أعمل في مجال التعليم ( معلم ) مرحلة ابتدائية بمدرسة بني معن الابتدائية ، تخصص ( العلوم ) خريج كلية المعلمين بالأحساء .
• إخوانك – حفظهم الله – يشاركونك و تشاركهم الاهتمام ، بالتقنية و التصوير و المونتاج و التسويق ، هل هناك عوامل ساعدت في هذا الالتقاء ؟
الوالد رحمه الله ، زرع فينا روح التعاون وأن نحافظ على أواصر المحبة والتواصل ، ولعل أهم عامل ساعد على أن تكون اهتماماتنا متشابهة ، جمعاتنا العائلية في بيت الوالد -رحمه الله- حيث أنَّ أغلب أحاديثنا تركز على مجالات ( التجارة ، التسويق ، التقنية ) تحويل أغلب الأفكار إلى مشاريع على أرض الواقع .
• هل تذكر أول جهاز كومبيوتر اشتريته و كيف؟ و أول كاميرا تصوير ؟
كان ذلك في المرحلة المتوسطة،وكان جهازاً مشتركاً لجميع أفراد العائلة،نجلس عليه بالتناوب طوال ساعات اليوم، رغم أنَّ البرامج كانت بسيطة إلا أننا وجدنا بأنَّ هذا الشيء جعلنا نبحر في عالم واسع من المعلومات والمعرفة .
• ربما يكون لتعدد الاهتمامات ، أثراً على قوة العطاء والتوهج ،هل تؤمن بنظرية (التخصص) وهل عمل الشخص في غير مجال يضعف نشاطه ؟
التخصص مهم وحتى تبدع في تخصصك تحتاج إلى أن تمتلك مهارات في عدة مجالات ، أما الشق الثاني من السؤال تعدد العمل في أكثر من مجال فبكل تأكيد سيكون أثره سلبياً على عطاء الشخص وبالتالي تكون النتائج غير مرغوبة .
• كيف خطرت لكم فكرة إنشاء موقع ( النبع الصافي ) على الويب ؟
لن أقول بأنَّ الفكرة جاءت بمحض الصدفة ! وفي نفس الوقت وقتها لم أعرف كيف جاءت !! ولكن فيما بعد أدركت بأن شخصيتي ترفض أن تكون مستهلكة للمعرفة سواءً في ذلك الوقت الذي كانت فيه بعض المواقع تمنح مساحات مجانية من أجل أن تطلق موقعك الإلكتروني الشخصي أو حتى في هذا الزمن الذي تنتشر فيه وسائل التواصل الاجتماعي رغم أنَّ الموقع كان متواضعاً جداً إلا أنني أعتبره الانطلاقة الحقيقة في عالم الإنترنت الافتراضي .
• هذه الفكرة دفعتكم لإنشاء منتديات روافد المنيزلة على الشبكة العنكبوتية ، كيف تقيم التجربة ؟
ولله الحمد استطعنا أن نقدِّم منبراً إعلامياً حراً بأفكار إعلامية جديدة كان لها الصدى الكبير في المجتمع المنيزلاوي ، فرغم عدم امتلاكنا خبرة في مجال العمل الإعلامي في ذلك الوقت إلا أننا اجتهدنا لأن نظهر بشكل مختلف ومغاير عما كان موجوداً في ذلك الوقت سواءً على الساحة المنيزلاوية أوالأحسائية ، ولعلك كنت عزيزي ” بومنذر ” أحد المؤسسين لهذا الصرح الإعلامي بل وكنت ممن ساهم بشكلٍ كبير في جعل روافد المنيزلة منارة إعلامية ومنبعاً لكثير من الأفكار التي طُبقت على أرض الواقع ولاقت إعجاب الكثيرين .
• مع الثورة المعلوماتية الهائلة وتطور وسائل التواصل الاجتماعي ، غطت التطبيقات الجديدة على المنتديات ، هل هذا صحيح ؟
المنتديات أصبحت من الماضي ، ومن الصعب جداً أن تنافس المنصات الاجتماعية الحالية لأن هذه التطبيقات التعامل معها أسهل وفي متناول الجميع كما أنك بضغطة زر تصل لأي معلومة تريدها وأيضاً ممكن أن تكون ” مشهوراً ” يتابعك الملايين من البشر بل ويتفاعلوا مع ما تنشر .
• أنشأتم قناة ( حسانا ) تهتم بنشر ما يتعلق بالأحساء من جديد ، حدثنا عن الفكرة وتطورات العمل والتسويق ؟
الفكرة بدأت قبل وجود ” الواتساب ” كانت عن طريق رسائل الجوال SMS ، بحيث قُدّمت الخدمة للمشتركين وبرسوم رمزية شهرية ، وبعدها توقفت لأسباب خاصة ، وبعدها رجعت الخدمة عن طريق ” الفيس بوك ” إلى أن جاء ” الواتساب ” فأصبحت الخدمة تُقدَّم عن طريق الرسائل ” عبر الرسائل الجماعية وبعد تزايد الأعداد (بالآلاف) أصبحت الخدمة تقدَّم عن طريق مجموعات الواتساب ، الخدمة عبر الواتساب تهتم بنشر أخبار وفعاليات الأحساء بالإضافة إلى الترويج للإعلانات التجارية .
▪️التعليم ومواصلة المسيرة :
• المدرسة جامعة كبرى تجمع بين جنباتها المواهب والأفكار القابلة للتنفيذ ، كيف طورت المدرسة عملكم في هذا الاتجاه ؟
بالفعل المدرسة وكذلك أي مجال عمل ، بإمكان أي شخص أن يحول فيها الأفكار إلى واقع ملموس يرتقي من تلك الجهة ويجعلها تصل للأهداف ، العمل في مدارس كثيرة (٦ مدارس) جعلني ألتقي بكثير من المعلمين المتميزين الذين كانوا مصدر إلهامٍ لي ، بالإضافة إلى بعض مدراء المدارس الذين دعموا كثيرا من الأفكار ، ولكن للأسف بعض المدارس تعمل عكس ذلك وهنا يجب أن يكون القرار ” الرحيل ” إلى مكانٍ آخر يؤمن بالتغيير للأفضل .
• كانت لكم عدة محطات في المدارس التي مررتم بها منذ التحاقكم بالتعليم عام ١٤٢٦هـ ، ما أبرز المهام التي استلمتموها وكيف استفدتم منها ؟
طبعاً ، المهمة الأولى (التدريس) ، عملت في تدريس الصف الأول كمعلم صف (خمس سنوات) وبعدها تدريس مادة الرياضيات لمدة سنة وبعدها تدريس مادة العلوم ، هذه المحطات المختلفة تدريس أكثر من مادة وفي مناطق مختلفة جعلني أفهم طبيعة كل مادة وكذلك خبرة في مجال التدريس .
المهمة الثانية : النشاط الطلابي بمدرسة حزم أم الساهك الابتدائية وقبلها مدرسة الرفيعة ، ولله الحمد قدمنا الكثير من البرامج والأفكار التي أعتبرها نوعية في وقتها ، والنشاط في المرحلة الابتدائية تحديداً مهم جداً ؛ لأنه يدعم مواهب الطلاب بالإضافة إلى أنه فسحة يجد فيها الطالب متعة في يومه الدراسي .
• المعلم في المرحلة الابتدائية هو معلم الكل للكل بمعنى أن يمارس تدريس جميع المواد ، هل هذا الفرق الوحيد بينه وبين معلمي المراحل الأخرى ؟
مع احترامي لجميع زملائي المعلمين في المراحل الأخرى وتقديري للجهد الذي يبذلونه ، معلم المرحلة الابتدائية يدرس أي مادة تُسند إليه (بحسب الاحتياج) بالإضافة إلى أنصبة الحصص تكون أكثر مما هي عليه في المراحل الأخرى – في الغالب – كما أنه يتعامل مع أطفال ؛ فبالتالي مطلوب منه أن يُعلِّم و يُربي في نفس الوقت ، باختصار المهام المطلوبة من معلم المرحلة الابتدائية كثيرة .
• تميزتم بالعروض التقديمية وتصميم الدروس والمسابقات التعليمية ، كيف سهلت لكم هذه الدروس شرح المواد ، وهل لها دور في النتائج ؟
التعليم عن بعد عزز فكرة ضرورة تفعيل العروض التقديمية وعمل المسابقات الإلكترونية لما لها الأثر الكبير في جذب انتباه الطلاب للدرس ، بخصوص النتائج بكل تأكيد ستكون أفضل فيما لو اكتفى المعلم بالتعليم التقليدي خاصة في هذا الزمن الذي أصبح فيه الأطفال مرتبطين بالأجهزة والتقنية بشكلٍ كبير .
• هل سنرى قريباً مكتبة تجمع هذه الأعمال لتكون مرجعا للمعلمين كل حسب تخصصه ؟
شخصياً لا ألجأ للعروض الجاهرة ، لأنني أفضل دائماً بأن يعد المعلم الدرس بحسب طريقته والتي تتناسب مع طلابه ، بالإضافة إلى أنه الآن وبعد رحلة التعليم عن بُعد اكتشفنا بأنَّ هناك مواقع على الإنترنت وتطبيقات بالجوال ممكن أن تعد عن طريقها دروس تفاعلية بكل سهولة وتحقق نتائج كبيرة .
▪️النادي سابقا مركز النشاط حالياً :
• عملت معكم في فترة رئاسة المرحوم سامي البوشاجع ( بو فاضل ) في القسم الثقافي ، فترة الدراسة الجامعية ، هل هي أولى انطلاقتك في النادي ؟
نعم صحيح .
• واصلتم العمل مع عدة إدارات ، فما طبيعة العمل وماذا قدمتم حينها ؟
أكثر المهام التي ركزت عليها في عملي مع جميع الإدارات التي تولت شؤون مركز النشاط الاجتماعي ،تفعيل البرامج الثقافية والاجتماعية لأن هذا هو العمل المفضَّل لديَّ والذي ممكن أن أقدِّم فيه أشياء تخدم المجتمع .
• تحول النادي إلى مركز نشاط وفق التنظيم الجديد وعملتم أيضا مع الإدارات واستلمتم منصب “نائب” مشرف مركز النشاط ، كيف تقيم التجربة باختصار ؟
بكل تأكيد كانت تجربة مختلفة عن باقي التجارب ، فالآن أصبحت في موقع مسؤولية فبالتالي سيكون الحمل أكبر في وقت لا زال المركز يعاني فيه من بعض التحديات ، ولكن بتوفيق الله -عز و جل – ثم بوجود فريق متميز يؤمن بالتغيير والتجديد تسهَّلت أمور كثيرة واستطعنا أن نقدِّم برامج نوعية ” مدروسة ” وفق خطة ممنهجة ، لا أقول بأننا نفَّذنا كل خططنا بالمركز فما قدمناه قليل جداً والسبب صادفتنا عوائق كانت أكبر من طاقتنا ، حاولنا أن نتجاوزها لكن دون جدوى .
• ماذا يحتاج مركز النشاط ليكون هرماً في تقديم كل مفيد لفئات المجتمع سيما النشء ؟
يحتاج إلى إدارة همها الأول والأخير ” بناء الإنسان ” من جميع الجوانب وخاصة التربوية والتعليمية ، ولا يُكتفى أن تكون مجرد شعارات نطلقها هنا وهناك ، المركز بحاجة إلى طاقات شبابية تفهم حاجات المجتمع وتسعى لتحقيقها .
• ما أبرز البرامج التي خططتم لإقامتها وتتمنى لو أقيمت ولم يسعفكم الوقت ؟
إكمال مشروع ” مكتبة رواد المستقبل ” بالإضافة إلى تفعيل دور المسرح من جديد لأن هذين المشروعين مهمين جداً من أجل احتضان جميع فئات المجتمع وخاصة ” المسرح ” والذي كان من المخطط أن يتم تفعيله بالعروض المسرحية الفنية وكذلك المسابقات وتكريم المتميزين والمبدعين بوقوفهم على خشبة المسرح والحديث عن انجازاتهم ، كما أننا بدأنا مشروع ” تمكين المرأة ” وتخصيص قسم خاص بالمركز للمرأة يخدم بنات البلد حتى يقدم المركز يقدم خدماته للرجال والنساء على حدٍ سواء ” لا أدري حالياً أين وصل هذا المشروع !! ” لكن أتمنى أنه مفعَّل .
▪️مقتطفات :
• كم من الوقت الذي تقضيه على وسائل التواصل الاجتماعي وشاشة الكومبيوتر ؟
شاشة الكمبيوتر قليل جداً ، أما وسائل التواصل الاجتماعي فهذا يعتمد على حسب الوقت المتاح لديَّ ، لكن المتوسط من ساعة إلى ساعتين يومياً (إذا كنت مرتبطا بدوام) أما أوقات الإجازات فيكون الوقت أطول ، وأما استخدام الجوال فيأخذ مني وقتاً طويلاً ؛لأنني أستخدمه كثيراً في التصميم والمونتاج وأمور أخرى .
• هل جربت تقنين الوقت ؟ هل من حل سحري ؟
لم أحاول تقنين الوقت والسبب أنَّ أعمال كثيرة يجب أن أنجزها باستخدام الجوال وخاصة عبر وسائل التواصل الاجتماعي ، أما الجلوس على الجوال لمجرد المتابعة فقط ،فلا أعاني منه كثيراً .
• هل تجد في أبنائك – حفظهم الله – هذا الشغف في التكنولوجيا وصناعة المحتوى ، أو لديهم اهتمامات أخرى ؟
فقط ابني حسن ” ١٠ سنوات ” أجده مهتماً بالمونتاج واستخدام الآيباد والحاسب الآلي ويحب الاطلاع على البرامج الجديدة في مجال المونتاج ولديه قناة على اليوتيوب ، يحب أن يصور ويُمنتج وينشر ، لكن بحكم العمر نحاول أن لا ينشغل كثيراً بهذه الأمور حتى لا يؤثر ذلك على مستواه الدراسي .
• لديك جدول يومي يحتوي على خمس حصص أين تضع الرياضة ؟
للأسف ستكون الحصة الخامسة ، بحسب وضعي الحالي .
• هل أنت مع مقولة : أمة اقرأ ، لا تقرأ ؟ أم في الأمر تفصيل ؟
ما الهدف من القراءة ؟ توسيع المدارك والفهم وكذلك اكتساب معلومات ومعارف في أي مجال من المجالات ، وهذا يجب أن ينعكس على شخصية القارئ ، شخصياً لا أحصر القراءة على الكتب ، فأحياناً تمر سنوات قد لا تفتح فيها كتاباً ، لكن خلال هذه السنوات قد تكون اكتسبت فيها كما كبيرا من المعلومات عبر المحاضرات ، اللقاءات ، الدروس عبر اليوتيوب ، أيضاً ، وهذا ما أحاول الوصول إليه : القراءة عبر الجوال في كل ما يُنشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي أو عبر مواقع الإنترنت ، فنحن بحاجة في هذا الزمن أن نوجه الناس إلى ” ماذا يجب أن أقرأ وأشاهد ؟؟!. ” بدلاً من حثهم على القراءة .
• ختاماً هل من رسالة أو كلمة ؟
في ختام هذا اللقاء ، أشكرك أخي وصديقي أبا منذر لاستضافتك لي وإعطائي مساحة حرة للحديث عن مواضيع وجوانب كثيرة ، أرجو أن تحقق الفائدة للقارئ الكريم ، والشكر موصول لإدارة الصحيفة على ما يقومون به من دور إعلامي بارز يخدم المجتمع المنيزلاوي والسعودي .