إن حالات اليأس أو الفرح وحوادث الإحباط أو الأمل التي تمر على الأفراد من بني البشر في مسيرة حياتهم تعد محطات تجبر الفرد على التوقف عندها برهة من الزمن ليعاود الانطلاق من جديد ويكمل مسيرته
وهكذا بين أحداث مفرحة وأخرى محزنة يتقلب الإنسان في تلك المحطات وغيرها وحين تُحكم الأحداث بقسوة المعيشة وتُضيق الهموم بصاحبها وتتزاحم الحوائج على قارعة الحياة تضج القلوب إلى بارئها وتُرفع الأيادي للدعاء. 

يقول الله عز وجل (وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي اذا دعانِ)
يخبرنا الله تعالى في هذه الآية وفي الكثير من الآيات في كتابه الكريم عن الدعاء ويحثنا على استخدام مفرداته ولغته التي وضع شرط الاستجابة له به
أي أنه إن دعا الإنسان ربه فالله قريب منه يجيبه فقط متى مارفع يده وشرع في طلبه وتضرعه
فالمسألة بسيطة (دعاء واستجابة) وما أقرب الكلمتين من بعضهما البعض وما أسهل أن يبسط كل منا يده ويرفعها إلى السماء ويدعو بها ربه ليستجيب له إذ لا موانع بين الأرض والسماء أو بين الحرف وانطلاقه من فم السائل إلى أذن المجيب والله الذي وعد عباده بقوله (ادعوني أستجب لكم) لا يمكن أن يخلف الميعاد ، لكننا نرى أحيانآ مفردات الدعاء تصعد ولاتعود وأحيانآ أخرى تصعد وتعود بخلاف ما تمناه المرء منا فما الخلل ؟ أفي الدعاء نفسه أم في لغته أم في اليدين الممدودتين إلى السماء.
إن اللغة التي يجب أن نستخدمها في الدعاء والظرف الذي يجب أن نكون عليه يجب أن يكونا مختلفين حتى نتمكن من طلب الحاجة والدعاء إذ لابد على الإنسان أن تكون لغته سليمة أثناء الدعاء وأعني باللغة هنا هي انتقاء الكلمات التي ستنطلق من لسانه ليخاطب بها رب السماء فليس من المهم أن تكون كلمات باللغة العربية أو الانجليزية أو الفارسية أوغيرها من اللغات بقدر ما يجب أن تكون لغة مصاغة بأجمل العبارات وأكثرها رقي وأدب وقد اختار لنا ديننا الإسلامي افتتاحية جميلة كأدب الدخول في الدعاء وبكلمات جميلة وهي جملة الصلاة على محمد وآل محمد ومن ثم رسم لنا بداية السير إلى الله بكلمات الحب والثناء والولاء كلها وإن توغلنا في مفهومها السيكلوجي لعرفنا أنها بوابات لكن لابد أن نفتحها قبل المسير في طريق الدعاء
وبما أن البوابات تمتلك أقفال بمفاتيح فحري بنا أن نمتلك تلك المفاتيح حتى نستطيع أولآ من فتح تلك البوابات ثم التنقل بينها الواحدة تلو الأخرى ؛ لنجد ضالتنا في نهاية المسير وماتلك المفاتيح إلا صحةٌ في العقل وسلامةٌ في المعتقد وقوةٌ في الفهم والإدراك إذ لا حكمة في دعاء المجنون ولا فائدة من اعتقادٍ لا يجزم بالقدر ولا بقاء لعدم فهمِ وإدراكِ ما نطلب من الله تعالى.
إن مابين الدعاء والاستجابة لغة لا يعيها إلا الأصحاء وكم صحيح منا في بدنه وعقله ولكنه عليل في روحه ومعتقده وكم نحن بحاجة إلى أن نكون في البدن والروح معآ أصحاء وكم نحن بحاجة إلى مفاتيح اليقين التي بها نعرف أن الاستجابة حتمية كما وعد المولى تعالى لكن ليست بالضرورة آنية أو كما نحب ونهوى فلربما مانحبه ونهواه يكون ضرر لنا ووباء علينا والله رؤوف بنا أرأف علينا من آبائنا وأمهاتنا وما أن نعي هذه الحقيقة نكون قد امتلكنا المفاتيح الصحيحة التي بواسطتها حققنا شرط فتح الأبواب مهما غَلُقت أو صَعُب فَتحُها .
التعليقات 4
4 pings
إنتقل إلى نموذج التعليقات ↓
بو أحمد بو شاجع
2015-08-10 في 8:00 م[3] رابط التعليق
الله يبارك فيك ياابنتي على هذه الكلمات المفيده
2015-08-11 في 11:00 ص[3] رابط التعليق
شكرا عمي على تواجدك في متصفحي وكم اسعدني ردك الجميل .
2015-08-11 في 11:25 ص[3] رابط التعليق
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
اللهم أقضي حوائجنا واستجب دعاءنا يا أكرم الأكرمين
مقال رائع جداً عرفنا أبواب الدعاء الصحيحة وطريقة التوجه والتهيؤ للوقوف أمام الباري عز وجل واختيار الكلمات السليمة من الثناء والتذلل لله سبحانه وتعالى وحتماً لا ننسى أن نجعل محمد وأهل بيته هم الوسيلة والواسطة التي تقربنا إلى الله عز وجل فبجاههم ومنزلتهم وعظيم قدرهم يمن الله علينها برحمته وعطفه .
الأستاذة سهام طاهر بارك الله فيك وقضى الله حوائجك وبلغك الله ماتمنيتي
شكراً لك
حسين جاسم الأحمد
2015-08-11 في 4:14 م[3] رابط التعليق
أحسنتِ على تسطير هذه الكلمات الجميلة والمفيدة
وفقك الله