
قال سماحة الشيخ حسن الصفار: إن الخطاب الديني يجب أن يُركّز على اجتناب الذنوب الكبائر التي تُفسد المجتمعات، لا أن ينشغل بالتفصيل في الذنوب الصغائر على حساب الأهم.
وتابع: إن بعض الوعاظ والقصاصين في العصور الأموية والعباسية ساهموا في تحويل الأنظار عن القضايا الكبرى في بناء المجتمعات، إلى الحديث عن مظاهر شكلية لا تمس جوهر الدين.
جاء ذلك ضمن خطبة الجمعة 20 شوال 1446هـ الموافق 18 أبريل 2025م، في مسجد الرسالة بالقطيف شرقي السعودية بعنوان: الذنوب الأشد خطرًا.
https://www.saffar.me/?act=artc&id=5351
وأوضح سماحته أن الذنوب والمعاصي ليست مجرد أفعال سطحية، بل أعراض لأمراض روحية ومعنوية تُهدد كيان الإنسان، وتعرضه للشقاء في الدنيا وعذاب الله في الآخرة.
وتابع: الإنسان بحكم طبيعته البشرية، وتأثير الأهواء والشهوات على نفسه، فإنه معرّض للوقوع في الذنوب والمعاصي.
وأضاف: ومن كرم الله ورحمته ولطفه بالإنسان، فإنه يتجاوز عن كثير مما يصدر منه من الأخطاء والذنوب.
واستشهد بالآية الكريمة {إِن تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلًا كَرِيمًا}، مؤكدًا أن الآية تبين أحد مظاهر عفو الله ورحمته بعباده، حيث تؤكد على الإنسان اجتناب كبائر الذنوب، وتعده بعفو الله عما قد يصدر منه من سيئات.
ومضى يقول: على ضوء هذه الآية، استنتج الفقهاء والعلماء أن الذنوب والمعاصي ليست كلها في درجة واحدة من الخطر والشدة.
وتابع: هناك مجموعة من الذنوب تشترك في درجة عالية من المفسدة، أو ضياع درجة عالية من المصلحة، تسمى كبائر، ومجموعة أخرى لا تكون بهذه المثابة تطلق عليها الآية (سيئات).
وأضاف: من هنا جاء تقسيم الذنوب إلى كبائر وصغائر. وقد فرّق العلماء بين الكبائر والصغائر من الذنوب، بأنّ الكبيرة: ما ورد عليها تهديد بعذاب النار في القرآن الكريم.
وعن شمول ما ورد عليها تهديد بعذاب النار في السنة، قال الشيخ الصفار: قال بذلك بعض العلماء، ورفضه آخرون، وقالوا بأن الكبائر خصوص ما اوعد الله عليها النار في القرآن.
وأبان أن بعض العلماء يرون أنه تقسيم إضافي وليس حقيقيًا، فكل معصية بالقياس إلى ما دونها كبيرة، وإلى ما فوقها صغيرة، وإلا فكل معصية في نفسها كبيرة، لأنها هتك لحرمة الله، وتمرد عليه.
وتابع: لكن أكثر العلماء يرون أنه تقسيم حقيقي، بمعنى أن بعض الذنوب أشدّ خطرًا وضررًا، وتستوجب من الله عقوبة أكبر.
وأضاف: ونجد مثل هذا التقسيم في القوانين الوضعية، والتي تصنف الجرائم إلى ثلاثة أقسام، جنايات وجُنح ومخالفات.
وعن سؤال: ألا يعتبر التكفير عن الصغائر باجتناب الكبائر، تساهلًا وإغراءً بارتكاب الذنوب الصغيرة؟ أجاب سماحته: إن الحكمة الإلهية اقتضت التشديد على الزجر عن الكبائر، لأن مفسدتها أكبر، وإن كان ذلك على حساب ارتكاب الصغائر.
وتابع: كما أن الصغائر التي يكفّرها عدم ارتكاب الكبائر، هي التي تحصل من الإنسان بعض الأحيان، وليس التي يصرّ عليها، ويستهين بها، فإنها تتحول إلى كبائر حينئذٍ. فـ «لاَ صَغِيرَةَ مَعَ اَلْإِصْرَارِ» كما ورد عن الإمام الصادق (ع).
واستشهد بما ورد عن أمير المؤمنين علي (ع): «أَشَدُّ الذُّنُوبِ مَا اسْتَهَانَ بِه صَاحِبُه».
وذكر شواهد من أحاديث وروايات تهوّل ارتكاب بعض الأعمال غير الخطيرة، والعذاب الذي ينتظر القائم بها، مما هو كثير في الكتب التي تحشد روايات ثواب الأعمال وعقابها، والترغيب والترهيب.
وقال: إن التّحفيز للأمور العبادية والتّحذير من الاخلال بها أمر مطلوب، ولكن ضمن النصوص المعتبرة، وأن لا تكون على حساب التأكيد على اجتناب الذنوب الأشد خطرًا.
وختم بالدعوة للتمسك بالقيم والمبادئ، وأن يكون الإنسان على صلة دائمة بالله، فالإيمان ليس فقط اجتناب الحرام، بل السعي لرضا الله في كل تصرف وسلوك.
لمشاهدة الخطبة:
https://www.youtube.com/live/F-A2BmY2k2k