
تُعد الأسواق الشعبية في الأحساء من أقدم وأهم مراكز التسوق في المنطقة، حيث تمتد جذورها إلى مئات السنين، وتعكس تراثًا غنيًا وتقاليد متوارثة بين الأجيال. ومع قدوم شهر رمضان المبارك، تعيش هذه الأسواق حالة من الانتعاش الفريد، حيث تتحول إلى ملتقى للأهالي الباحثين عن كل ما يخص هذا الشهر الفضيل وعيد الفطر المبارك.
ولا تقتصر أهمية الأسواق على رمضان فقط، بل تزداد حركة البيع والشراء مع اقتراب عيد الفطر، حيث تكتظ المتاجر بالمتسوقين الذين يبحثون عن ملابس العيد للأطفال والكبار، الأحذية، العطور، والمستلزمات التقليدية. ومن المظاهر التي تضفي على المكان روحانية خاصة هي رؤية الأجداد وهم يصطحبون أحفادهم إلى هذه الأسواق، تمامًا كما كانوا يفعلون في صغرهم، مما يرسّخ القيم والعادات القديمة.
يأتي دائما السؤال لماذا تبقى الأسواق الشعبية وجهة مفضلة؟
-لأنها عبق التاريخ والأصالة في كل زاوية من الأسواق القديمة.
– وأسعار تنافسية مقارنة بالأسواق الحديثة، مما يجعلها في متناول الجميع.
– وذات أجواء اجتماعية نابضة بالحياة، حيث يتبادل الناس التهاني والدعوات الرمضانية.
– وتوفر كل ما يحتاجه الصائمون والعائلات للاحتفال بالعيد من ملابس، حلويات، وعطور.
ومن أبرز هذه الأسواق:
1. سوق القيصرية: يُعتبر سوق القيصرية من أقدم الأسواق في الأحساء، حيث يضم حوالي 420 محلًا تجاريًا تقدم مجموعة متنوعة من السلع، بما في ذلك الملابس التقليدية، العطور، والتمور الشهيرة. يتميز السوق بطرازه المعماري العثماني وشوارعه الضيقة المغطاة، مما يجعله مقصدًا للسياح والسكان المحليين على حد سواء، يتجول الناس بين الأزقة العتيقة التي تفوح منها روائح البهارات والعود والقهوة العربية، فيما تصدح أصوات الباعة وهم يعرضون منتجاتهم من الملابس التراثية، التمور، الحلويات الشعبية، الأواني النحاسية، والمشغولات اليدوية. وتتحول هذه الأسواق إلى مهرجان رمضاني مصغر، حيث يرتادها الأهالي لشراء المأكولات التقليدية مثل الهريس والسنبوسة واللقيمات، التي تزين موائد الإفطار.
2. أسواق القرية الشعبية: تُعَدُّ أسواق القرية الشعبية من أكبر الأسواق التجارية في الأحساء، حيث تضم 1500 وحدة تجارية متنوعة الأنشطة، تشمل الحرف اليدوية، المنسوجات، والمصوغات. تُحاكي هذه الأسواق التراث المعماري القديم، مما يجعلها وجهةً مميزةً للباحثين عن الأصالة والتنوع.
3. السوق النسائي: يُعرف أيضًا بسوق الحريم، ويُعتبر من الأسواق الرمضانية المشهورة في الأحساء. يتميز هذا السوق ببوثات خاصة للنساء، حيث تُباع الملابس الشعبية، المجوهرات المزخرفة، والمنتجات التراثية المصنوعة من الخوص. يُشكِّل السوق وجهةً مفضلةً للنساء الباحثات عن الأزياء التقليدية والمنتجات اليدوية.
تُظهر هذه الصور الأجواء التراثية والتقليدية التي تتميز بها الأسواق الشعبية في الأحساء، والتي تُعزِّز من تجربة التسوق خلال شهر رمضان المبارك، خلال ليالي وأيام شهر رمضان المبارك، حيث تشهد هذه الأسواق إقبالًا كبيرًا من الأهالي والزوار، حيث تُلبِّي احتياجاتهم من مستلزمات رمضان وملابس العيد، مما يعكس عمق التراث والتقاليد في منطقة الأحساء.
إن زيارة الأسواق الشعبية في الأحساء خلال رمضان وليالي العيد ليست مجرد تجربة تسوق، بل هي رحلة عبر الزمن يعيش فيها الزائر ذكريات الأجداد ويتنفس عبق التراث، في مشهد لا يزال يحتفظ بسحره رغم مرور السنين.