
تُعدّ الأحساء من أجمل المناطق في المملكة العربية السعودية، حيث تمتزج فيها الطبيعة الخلابة مع إرثها العريق، مما يجعلها وجهة ساحرة في جميع فصول السنة. لكن في شهر يناير، تزداد الأحساء جمالًا حينما يكسوها طقسها البارد الذي يميل إلى البرودة أكثر خلال المساء، ما يضفي على واحات النخيل مشهدًا ساحرًا تحت السماء الصافية.
حيث تشتهر الأحساء بواحاتها الغنية بالنخيل، التي تتمايل أوراقها الخضراء مع نسمات الشتاء الباردة، في مشهد يبعث الراحة والسكينة. تمتد مزارع النخيل على مساحات شاسعة، وتُعَدّ مصدرًا أساسيًا لأجود أنواع التمور، مثل الخلاص، والشيشي، والرزير، والبرحي، التي تُحفظ في المخازن وتُستمتع بها طوال العام. في هذه الفترة من السنة، تُروى هذه النخيل بمياه العيون العذبة، مما يمنحها قوةً لاستقبال مواسم العطاء القادمة.
على الرغم من أن التمور هي العلامة الأبرز، إلا أن الأحساء تشتهر أيضًا بموسمها الزراعي الغني خلال الأشهر الباردة، حيث تنضج العديد من الفواكه الشهية بين يناير وفبراير ومارس، ومن أبرزها:
- الحمضيات مثل البرتقال، واليوسفي، والجريب فروت، والليمون، والتي تتميز بطعمها الحلو والمنعش.
- الرمان ذو اللون القرمزي والنكهة الفريدة، حيث تتزين الأسواق بهذه الفاكهة اللذيذة في بداية السنة.
- التين الذي يظهر في بعض المناطق بفضل المناخ المعتدل خلال النهار.
- الجوافة التي تتميز برائحتها العطرية وطعمها اللذيذ.
- الفراولة التي تبدأ بالظهور في أواخر الشتاء، وتُزرع في بعض المزارع الحديثة.
ولا يمكن الحديث عن فاكهة الشتاء في الأحساء دون ذكر الكنار الحساوي، هذه الفاكهة المميزة التي تزدهر خلال شهري يناير وفبراير وتعدّ من الكنوز الزراعية للمنطقة. يتميّز الكنار الحساوي بلونه الذي يتدرج من الأخضر إلى الأصفر ثم إلى الذهبي المحمر عند نضجه، ويعرف بطعمه الحلو المقرمش الذي يجمع بين النكهة المنعشة والقوام الشهي.
إذ يُعد الكنار الحساوي من أجود أنواع الكنار في المملكة، نظرًا لما يتمتع به من حجم كبير نسبيًا ونكهة غنية مقارنةً بالأنواع الأخرى. كما أنه غني بالفوائد الصحية، فهو يحتوي على نسبة عالية من فيتامين C والألياف ومضادات الأكسدة، مما يجعله خيارًا مثاليًا لتقوية المناعة خلال الشتاء.
وفي هذا الوقت من العام، تكتسي أسواق الأحساء بسلال الكنار الطازج، ويحرص الأهالي على تقديمه كضيافة تقليدية في مجالسهم، حيث يُعتبر من الفواكه التي تُعبر عن الكرم الأحسائي الأصيل. كما يُستخدم الكنار في بعض الأطباق التقليدية أو يُجفف للاستمتاع به طوال العام.
إلى جانب جمال الطبيعة وغنى المزارع، يشتهر أهل الأحساء بكرمهم وحسن ضيافتهم، فهم يستقبلون زوّارهم ببشاشة وقلوب مفتوحة، مقدمين لهم أجود أنواع التمور والقهوة العربية الأصيلة. وتُعتبر المجالس الأحسائية ملتقى يجمع بين الأهل والأصدقاء، حيث تُروى القصص وتتبادل الأحاديث في أجواءٍ دافئة تُشعِر الزائر وكأنه بين أهله.
الأحساء ليست مجرد أرض زراعية، بل هي حكاية من العراقة والجمال، حيث يجتمع التاريخ مع الطبيعة، والكرم مع الأصالة، لتظل دائمًا وجهةً تبهر كل من يزورها.